للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قد ظَلَمْنا المشتري؛ لأنّ له الرَّدَّ بما حَدَثَ بعد البيع في يَدِ البائعِ، فهذا يُبَيِّنُ لك ما وَصَفْنا أنّه لازمٌ في أصْلِه على ما وَصَفْنا مِنْ مَذْهَبِه.

قال المزني: يَحْلِفُ بالله ما بِعْتُكَ هذا العبدَ وأوْصَلْتُه إليك وبه هذا العيبُ؛ لأنّه قد يَبِيعُه إيّاه وهو بَرِيءٌ مِنْ العيب، ثُمّ يُصِيبُه بعَيْبٍ قَبْلَ أن يُوصِلَه إليه (١).

(١١٠١) قال المزني: وسمعتُ الشافعيَّ يَقولُ: كُلُّ ما اشْتَرَيْتَ ممّا يَكونُ مَأكُولُه في جَوْفِه فكَسَرْتَه فأصَبْتَه فاسِدًا، فلكَ رَدُّهُ وما بين قِيمَتِه فاسِدًا صَحِيحًا وقِيمتِه فاسِدًا مَكْسُورًا.

وقال في موضع آخر: «فيها قولان: أحدُهما - ليس له الرَّدُّ إلّا أن يشاءَ البائعُ، وللمشتري ما بين قِيمَتِه صَحِيحًا وفاسِدًا، إلّا أن لا يَكونَ له فاسِدًا قيمةٌ، فيَرْجِعُ بجميعِ الثَّمَنِ»، قال المزني: هذا أشْبَهُ بأصْلِه؛ لأنّه لا يَرُدُّ الرَّانَجَ مَكْسُورًا؛ كما لا يَرُدُّ الثَّوْبَ مَقْطُوعًا، إلّا أن يَشاءَ البائعُ (٢).

(١١٠٢) قال الشافعي: ولو باع عَبْدَه وقد جَنَى .. ففيها قولان: أحدُهما - أنّ البيعَ جائزٌ كما يَكونُ العِتْقُ جائزًا، وعلى السَّيِّدِ الأقَلُّ مِنْ قِيمتِه أو أرْشِ جِنايتِه، والثاني - أنّ البيعَ مَفْسُوخٌ، مِنْ قِبَلِ أنّ الجنايةَ في عُنُقِه كالرَّهْنِ، فيُرَدُّ البيعَ، ويُباعُ فيُعْطِي رَبَّ الجنايةِ جنايتَه، قال: وبهذا


(١) الفقرة من ز ب وهامش س، ولا وجود لها في ظ، وفي ب س: «قد يبيعه إياه وهو بريء، ثم يصيبه قبل … »، ثم إن إمام الحرمين قال في «النهاية» (٥/ ٢٥٢): «لا شك أن البائع لا يخرج عن عهدة الرد باليمين التي ذكرها الشافعي، ولكن لعلّه صوَّر دعوى المشتري في اقتران العيب بالبيع، وإذا قصَر المشتري دعواه على ذلك فاليمين تكون على حسب الدعوى في حكم المضادَّة». وانظر: «العزيز» (٦/ ٢١٩).
(٢) وعلى هذا هو كسائر العيوب الحادثة، فيرجع المشتري بأرش العيب القديم، أو يضم أرش النقصان إليه ويرده، وقد تابع المزني في ترجيحه البغوي في «التهذيب»، والأكثر على أن الأظهر الأول. انظر: «العزيز» (٦/ ٢١٢) و «الروضة» (٣/ ٤٨٧).