للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١١٦٥) قال: والذي أحْتَجُّ به في تجويز السَّلَمِ في الحيْوان أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- تَسَلَّفَ بَكْرًا صار (١) به عليه حيوانًا مَضْمُونًا، وأنّ عَلِيًّا باع جملًا بعشرين جملًا إلى أجلٍ، وأنّ ابنَ عمر اشْتَرَى راحلةً بأربعة أبْعِرَةٍ إلى أجلٍ (٢).

قال المزني: وهذا مِنْ الجُزافِ العاجِلِ في الموصوفِ الآجِلِ (٣).

(١١٦٦) قال الشافعي: ولو لم يَذْكُرا في السّلمِ أجَلًا، فذَكَراه قبل أن يَتَفَرَّقا .. جاز، ولو أوْجباه بعد التّفَرُّقِ .. لم يَجُزْ.

(١١٦٧) ولا يَجُوزُ في السّلفِ حتّى يَدْفَعَ الثّمَنَ قبل يُفارِقُه (٤)، ويَكونَ ما سَلَّفَ فيه مَوْصُوفًا.

(١١٦٨) وإنْ كان ما سَلّف فيه بصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ عند أهل العلم بها وأجلٍ مَعْلومٍ .. جاز؛ قال الله تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} [البقرة: ١٨٩]، فلم يَجْعَلْ لأهلِ الإسلامِ عِلْمًا إلّا بها، فلا يجوزُ إلى الحَصَادِ والعَطاءِ؛ لتأخِير ذلك وتَقْدِيمِه (٥)، ولا إلى فِصْحِ النصارى (٦)، وقد يَكُونُ عامًا في شهرٍ وعامًا في غيرِه على حسابٍ يَنْسَئُون فيه أيّامًا، فلو


(١) كذا في ظ ز، وفي ب س: «فصار».
(٢) «الراحلة»: البعير النجيب الذي يركبه سَراة الناس في أسفارهم، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تجدون الناس كإبل مائه ليس فيها راحلة»، وذلك أن الراحلة تعز في الإبل؛ لفَراهتها ودَلِّها وجودتها وأدبها وصبرها على تعب السير السريع، وكذلك الرجل الفاضل المهذب الأخلاق الطاهر من أدناس الدنيا والاغترار بزخرفها نادر في الناس عزيز، ألا ترى أن فقهاء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يتتامّوا عشرين، وكذلك زهادهم كانوا دون العشرين، مع توافرهم وكثرة عددهم، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكم تجدون الخير الفاضل نادرًا في الناس، كالراحله النجيبة في الإبل المائة. «الزاهر» (ص: ٣١٥).
(٣) يقصد المزني نصرة أحد القولين في المسألة السابقة. انظر: «البحر» للروياني (٥/ ١١٨).
(٤) كذا في ظ ب، وفي ز: «قبل أن يفارقه»، وزيدت كلمة «أن» في س فوق السطر.
(٥) في ز: «لتقدم ذلك وتأخره».
(٦) في ز: «فسح».