للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجنايةِ .. كُلِّفَ السَّيِّدُ أن يَأتيَ بمثلِ قِيمَتِه يَكُونُ رَهْنًا مَكانَه.

(١٢٧٥) ولو أذِنَ له، فرَهَنَه، فجَنَى، فبِيعَ في الجنايةِ .. فأشْبَهُ الأمْرَيْنِ أنّه غيرُ ضامنٍ، وليس كالمسْتَعِيرِ الذي مَنْفَعَتُه مشغولةٌ بخِدْمَةِ العبدِ عن مُعِيرِه، وللسيِّدِ في الرهنِ أن يَسْتَخْدِمَ عَبْدَه (١).

(١٢٧٦) قال: والخصمُ فيما جُنِيَ على العبدِ سَيِّدُه، فإنْ أحَبَّ المرتهنُ حَضَرَ خُصُومَتَه، فإذا قُضِيَ له بشيءٍ أخَذَه رهنًا، ولو عفا المرتهنُ كان عَفْوُه باطلًا.

(١٢٧٧) ولو رَهَنَه عبدًا بدنانيرَ، وعبدًا بحنطةٍ، فقَتَلَ أحدُهما صاحبَه .. كانت الجنايةُ هَدْرًا.

(١٢٧٨) وأكْرَهُ أن يَرْهَنَ مِنْ مُشْرِكٍ مُصْحفًا أو عبدًا مسلمًا، وأجْبِرُه على أن يَضَعَهُما على يَدَيْ مسلمٍ، ولا بأسَ برَهْنِه ما سِواهما، رَهَنَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- دِرْعَه عند أبي الشَّحْمِ اليهوديِّ (٢).


(١) صورة هذه المسألة في رجل استعار من رجل عبدًا ليرهنه عند رجل بحقٍّ له عليه، فهذا جائز، وليس من شرط الرهن أن يكون ملك الراهن، واختلف قول الشافعي في حكمه أنه جارٍ مجرى العاريّة أو الضمان؟ والثاني الأظهر، انظر: «الحاوي» (٦/ ١٦٧) و «النهاية» (٦/ ٢٠٥) و «العزيز» (٦/ ٥٢٧) و «الروضة» (٤/ ٥٠).
(٢) جاء في هامش س: «قال الشافعي في غير «كتاب الرهن الكبير»: إن الرهن في المصحف والعبد المسلم من النصراني باطل»، وزاد في أصل ب مشطوبًا عليه: «وفي الأصل في المصحف يجيز على أن يوضع على يدي عدل، ولم يذكر في العبد أنه يضعه على يدي عدل»، قال عبدالله: كأنه يشير إلى نصه في «الرهن الكبير» من «الأم» (٣/ ١٣٢): «ويجوز أن يرهن المسلم الكافر، والكافر المسلم، ولا أكره من ذلك شيئًا، إلا أن يرهن المسلم الكافر مصحفًا، فإن فعل لم أفسخه، ووضعناه له على يدي عدل مسلم، وجبرت على ذلك الكافر إن امتنع»، قال: «وأكره أن يرهن من الكافر العبد المسلم، صغيرًا أو كبيرًا؛ لئلا يذل المسلم بكينونته عنده بسببِ يَتَسلط عليه الكافر، ولئلا يُطعِم الكافرُ المسلمَ خنزيرًا أو يسقيَه خمرًا، فإن فعل فرهَنَه منه لم أفسخ الرهن».
ثم إن في رهن العبد المسلم من الكافر طريقين: أحدهما - أنه على القولين في بيعه منه، إن صححناه جعل في يدي عدل من المسلمين، وبهذا الطريق قال أبو إسحاق والقاضي أبو حامد، والثاني - القطع بجوازه؛ لأنه لا ملك فيه للكافر ولا انتفاع، وإنما هو مجرد استيثاق، والمذهب جوازه، ورهن المصحف منه يترتب على رهن العبد، قال النووي: «وإذا صححنا رهن العبد والمصحف عند الكافر ففي «تهذيب» الشيخ نصر المقدسي الزاهد وغيره: أن العقد حرام، وفي «التهذيب» للبغوي: أنه مكروه. والله أعلم». انظر: «العزيز» (٦/ ٥٠٧) و «الروضة» (٤/ ٤٠).