للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تَطَوَّعَ صاحبُ العُلْوِ بأن يَبْنِيَ السُّفْلَ كما كان ثُمّ يَبْنِي عُلْوَهُ كما كان .. فذلك له، وليس له مَنْعُ صاحبِ السُّفْلِ مِنْ سَكَنِه، ونَُقْضِ الجدرانِ له (١)، ومَتَى شاء أن يَهْدِمَها هَدَمَها، وكذلك الشُّرَكاءُ في نَهْرٍ أو بِئرٍ، لا يُجْبَرُ أحدُهم على الإصلاحِ لضَرَرٍ ولا غيرِه، ولا يُمْنَعُ المنْفَعَةَ، فإنْ أصْلَحَ غيرُه فله عينُ مالِه، مَتَى شاءَ نَزَعَه.

وقال في «كتاب الدعوى على كتاب أبي حنيفة»: «فإذا أفادَ صاحبُ السُّفْلِ مالًا أخَذَ منه قِيمةَ ما أنْفَقَ في السُّفْلِ»، قال المزني: قلت أنا (٢): الأوّلُ أوْلَى بقولِه؛ لأنّ البانيَ مُتَطَوِّعٌ، فليس له أخْذُه مِنْ غَيْرِه، إلّا أن يُراضِيَه عليه (٣).

(١٣٩٨) قال الشافعي: وإذا كانتْ لرجلٍ نَخْلَةٌ أو شَجَرَةٌ، فاسْتَعْلَتْ وانْتَشَرَتْ أغصانُها على دارِ رجلٍ .. فعليه قَطْعُ ما شَرَعَ في دارِ غيرِه، فإنْ صالحه على تَرْكِه فليس بجائزٍ (٤).


(١) قال الروياني في «البحر» (٥/ ٤٣٣): «(نَُقْض) بفتح النون وضمها، فمن قرأ بالفتح أراد: له نقضها إذا خيف أن يسقط، أو أراد: له نقضها إذا بناه من ماله متطوعًا حتى يصير فضاء كما كان، ومن قرأ بالرفع أراد: أن الطوب والخشب له إذا انهدم أو هدمه عمدًا إذا بناه من خاص ماله».
(٢) «قلت أنا» من ب س.
(٣) أشار المزني إلى قولين، واختلف الأصحاب على طرق: أصحها - القطع بعدم الرجوع، وحمل نص الرجوع على ما إذا أنفق بالإذن، وبه قال ابن خيران وابن الوكيل، والثاني - أن القول بعدم الرجوع تفريع على الجديد، والقول بالرجوع تفريع على القديم، والثالث - أنا إن قلنا بالقديم رجع لا محالة، وإن قلنا: بالجديد فقولان، ونقل إمام الحرمين وجهًا فارقًا بين أن يمكنه عند البناء مراجعة الحاكم فلا يرجع، أو لا يمكنه فيرجع، قال: «وهذا أعدل الوجوه». انظر: «النهاية» (٦/ ٤٩٧) و «العزيز» (٧/ ٣٦٣) و «الروضة» (٤/ ٢١٧).
(٤) زاد في س: «لأن أصلها في دار غيره».