للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٤٠٦) قال الشافعي: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وإذا أُتْبِعَ أحدُكم على مَلِيءٍ فلْيَتْبَعْ» (١).

(١٤٠٧) قال الشافعي: وفي هذا دَلالَةُ أنّ الحقَّ يُحوَّلُ على الْمُحالِ عليه، وبَرِئ منه المحيلُ، فلا يَرْجِعُ عليه أبدًا، كان المحالُ عليه غَنِيًّا أو فَقِيرًا، أفْلَسَ أو مات مُعْدِمًا، غُرَّ منه أو لم يُغَرَّ (٢).

(١٤٠٨) قال: ولو كان كما قال محمدُ بن الحسن: إذا أفْلَسَ أو ماتَ مُفْلِسًا رَجَعَ على المحيلِ .. لَمَا ضَرَّ المحتالَ على مَنْ أحِيلَ؛ لأنّ حَقَّه ثابتٌ على المحيلِ، ولا يَخْلُو مِنْ أن يَكُونَ حَقُّه قد تَحَوَّلَ عنِّي فصار على


(١) زاد في ب مشطوبًا عليه: «قال [يعني: الحسن بن يزيد راوي النسخة]: حدثنا محمد بن عاصم، قال: حدثنا ابن مسعود، قال: أخبرنا عمرو بن عون، عن هشيم، عن يونس، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه قال: «مَطْلُ الغني ظُلْم، ومن أُحيلَ على غني فليَتْبَعْ»». قال عبدالله: ورد هذا عقب الفقرة التالية، وقدمته إلى هنا للمناسبة، والله أعلم.
وقوله في الحديث: «مطل الغني ظلم» «المطل»: إطالة المدافعة، وكل مضروب طولًا من حديد وغيره فهو ممطول، وفي معناه ما جاء في حديث آخر: «لَيُّ الواجد يُحِلُّ عِرضَه وعقوبتَه»، يقال: «لَواه بدَيْنِه، يَلْوِيه، لَيًّا، ولَيّانًا»: إذا مطله ودفعه، و «الواجد»: الموسر، يقال: «رجل واجدٌ بَيِّنُ الجِدة والوُجْد»: إذا كان غنيًّا، وقوله: «وإذا أُتبِعَ أحدكم على مليء فليَتْبَعْ»؛ أي: إذا أحيل بماله على رجل آخر مَليء فليحتل عليه وليطالبه بحقه، قال الله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ١٧٨]؛ أي: فمطالبة بالمعروف، وقال الله عز وجل: {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} [الإسراء: ٦٩]؛ أي: لا تجدوا من يتبعنا بإنكار ما نزل بكم، ولا من يتبعنا - أي: يطالبنا - بأن نصرفه عنكم. «الزاهر» (ص: ٣٢٩).
(٢) يعني: غَرَّه بأنْ شرَطَ اليَسارَ فوجد مفلسًا أو لم يَغُرَّه، فلا خيار للمحتال على الصحيح المنصوص عليه، وقال ابن سريج: يرجع إن غره، وأنكر على المزني نقله وغلَّطَه فيه، قال: لا يُعرَف في شيء من كتب الشافعي. انظر: «الحاوي» (٦/ ٤٢٣) و «البحر» (٥/ ٤٥٢) و «العزيز» (٧/ ٤١٦) و «الروضة» (٤/ ٢٣٢).