للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الابنَ فهو حُرٌّ، والأصغرُ حُرٌّ بأنّه ابنُ أمِّ وَلَدٍ، وإنْ كان الأصغرُ هو الابنَ فهو حُرٌّ بالبُنُوَّةِ، فالأصغرُ (١) على كلِّ حالٍ حُرٌّ لا شَكّ فيه، فكيف يَرِقُّ (٢) إذا وَقَعَت عليه القرعةُ بالرقِّ؟ ويُمْكِنُ حُرِّيَّةُ الأوسطِ في حالين، ويَرِقُّ في حالٍ، ويُمْكِنُ حُرِّيَّةُ الأكبرِ في حالٍ، ويَرِقُّ في حالين، ويُمْكِنُ أن يَكونا رَقِيقَيْن للابنِ المعروفِ (٣) وللابنِ المجهولِ نصفَيْن، ويُمْكِنُ أن يَكُونَ الابنُ هو الأكبر، فيَكُونَ الثلاثةُ أحرارًا، فالقياسُ عندي على معنى الشافعي: أنْ أعْطِيَ اليقينَ، وأقِفَ الشَّكَّ، فللابنِ المعروفِ نصفُ الميراثِ؛ لأنّه والذي أقَرَّ به الأبُ (٤) ابنان، فله النِّصْفُ، والنصفُ الآخَرُ موقوفٌ حتّى يُعْرَفَ أو يَصْطَلِحُوا فيه (٥)، والقياسُ على معناه في الوقفِ إذا لم أدْرِ أهما حُرّان أم عبدان أم عبدٌ وحُرٌّ أن يُوقَفا، ومَوْرِثُ ابنٍ حتّى يَصْطَلِحُوا (٦).


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «والأصغر» بالواو.
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «رُقَّ».
(٣) زاد في ز: «مورثه منهما»، وفي س: «مورثهما منه».
(٤) كلمة «الأب» من ز.
(٥) كلمة «فيه» من ز س.
(٦) هذه الفقرة اضطربت في النسخ اضطرابًا شديدًا، وقوله: «والقياس على معناه … » إلى آخر الفقرة سقط من ز، وفي ظ: «فالقياس عندي على معنى الشافعي في الوقف … » إلى آخر الفقرة، سقط منه قوله: «أن أعطي اليقين … »، وفي س: «والقياس على معنى الشافعي في الوقف إذا لم أدر أنهما حران أو عبدان، أو عبد وحر أن يوقفا بلا شك؛ لأن هذا يقين، وأوقف الأكبر والأوسط لإمكان الرق فيهما، وأوقف نصف الميراث حتى يصطلحوا».
قال عبدالله: ينبغي النظر في موضع تعقب المزني للشافعي، ومرجعه إلى أمور ثلاثة:
أحدها: حكم الشافعي بالإقراع بين الثلاثة لإثبات الحرية، والولد الثالث في نظر المزني حر في جميع الاحتمالات، فلا معنى لدخوله في القرعة، واختلف الأصحاب في الجواب عنه، فسلم بعضهم حريته، وأجابوا عن دخوله في القرعة بأنه لم يدخل ليرق إن خرجت القرعة لغيره، بل ليرق غيره إن خرجت عليه، ويقتصر العتق عليه، ومنعها آخرون بناء على أن ولد أم الولد يجوز أن يكون رقيقًا.
وثانيها: الأظهر المنصوص حيث ثبتت الحرية لم يثبت النسب، وعن المزني في «المختصر الكبير»: أن الأصغر نسيب بكل حال، وكذا الأوسط والأكبر إذا حكمنا بحريتهما.
وثالثها: حكم الشافعي بمنع الميراث عن الثلاثة، واختار المزني وقفه، واختلفت الرواية عنه في كيفيته، ففي رواية ابن خزيمة وجماعة: أنه إذا كان له ابن معروف النسب يدفع إليه ربع الميراث، ويدفع ربعه إلى الأصغر، ويوقف النصف، وهذا بناء على ما ذهب إليه المزني من أن الأصغر نسيب بكل حال، فهو والمعروف ابنان يقينًا، فيدفع النصف إليهما، ويوقف النصف بينهما وبين الأكبرين، فيجوز أن يكونا ابنين، ويجوز أن يكون الأوسط ابنًا دون الأكبر، وفي رواية ابن عبدان المروزي في آخرين: أنه يدفع نصف الميراث إلى المعروف النسب، ويوقف النصف للمجهول، وهذا اختاره للشافعي جوابًا على أنه لا يثبت نسب واحد منهم على التعيين، ولكن يعلم أن فيهم ابنًا، فيقف النصف له، ويدفع النصف إلى الابن المعروف.
وانظر: «النهاية» (٧/ ١٣٠) و «العزيز» (٨/ ٣٦٧) و «الروضة» (٤/ ٤١٩).