للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٥٢٥) قال الشافعي: وكلُّ العارِيَّة مضمونةٌ على المسْتَعِيرِ (١) وإنْ تَلِفَتْ مِنْ غيرِ فعلِه؛ اسْتعارَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِنْ صفوانَ سِلاحَه، فقال له النبيُّ -عليه السلام-: «عاريَّةٌ مضمونةٌ مُؤدّاةٌ».

(١٥٢٦) وقال مَنْ لا يُضَمِّنُ العاريَّةَ: فإنْ قلنا: إذا اشْتَرَطَ المستعيرُ الضمانَ ضَمِنَ؟ قلتُ: إذًا تَتْرُكُ قولَك، قال: وأين؟ قلت: ما تَقُولُ (٢) في الوديعةِ إذا اشْتَرَطَ المسْتَوْدِعُ أو المضارِبُ الضمانَ، أهو ضامنٌ؟ قال: لا يكونُ ضامنًا، قلتُ: فإنْ شَرَطَ على المسْتَسْلِفِ أنّه غيرُ ضامنٍ، أيَبْرَأ؟ قال: لا، قلتُ: وتَرُدُّ (٣) ما ليس بمضمونٍ إلى أصلِه، وما كان مضمونًا إلى أصلِه، وتُبْطِلُ الشرطَ فيهما؟ قال: نعم، قلتُ: فكذلك يَنْبَغِي أنْ تَقُولَ في العاريّةِ، وكذلك شَرَطَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- (٤)، ولا يَشْتَرِطُ أنّها مضمونةٌ لما لا يُضْمَنُ، قال: فلِمَ شَرَطَ؟ قلتُ: لجَهالَةِ صفوانَ به؛ لأنّه كان مُشْرِكًا لا يَعْرِفُ الحكمَ، ولو عَرَفَه ما ضَرَّه شَرْطُه له (٥)، قال: فهل قال هذا أحدٌ؟ قلتُ: في هذا كِفايةٌ، وقد قال (٦) أبو هريرة وابن عباس: إنّ العاريَّةَ مضمونةٌ.


(١) «العارية»: مأخوذة من «عار الشيء يَعيرُ»: إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للغلام الخفيف «عَيّار» لخفته في بطالته، وكثرة ذهابه ومجيئه فيها، فإن قال قائل: فلم شددت الياء من العاريّة وأصلها من عار .. قيل: العارية منسوبة إلى العارَة، وهو اسم من قولك: «أعرته المتاع إعارة وعارةً»، فالعارة: الاسم، والإعارة: المصدر الحقيقي، يقوم الاسم مقامه؛ كما يقال: «أجبته إجابة وجابة»، و «أطقته إطاقة وطاقة»، و «أطعته إطاعة وطاعة». «الزاهر» (ص: ٣٣٨).
(٢) قوله: «ما تقول» لا وجود له في ظ.
(٣) كذا في ز ب س، وفي ظ: «أو ترد».
(٤) كذا في ز ب س، وفي ظ: «وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-».
(٥) «له» من ب س، وظاهر ما في ظ: «بشرطه».
(٦) كذا ظاهر ما في ز ب س، وفي ظ: «قاله» بالهاء.