(١٥٢٧) قال الشافعي: ولو قال رَبُّ الدابّةِ: أكْرَيْتُكَها إلى موضعِ كذا بكذا، وقال الراكبُ: بل عاريَّةٌ .. فالقولُ قولُ الراكبِ مع يمينِه، ولو قال: أعَرْتَنِيها، وقال رَبُّها: غَصَبْتَنِيها .. كان القولُ قولَ المستعيرِ.
قال المزني: هذا عندي خلافُ أصلِه؛ لأنّه يَجْعَلُ مَنْ سَكَنَ دارَ رجلٍ كمّن تَعَدَّى على سلعتِه فأتْلَفَها، فله قيمةُ السَّكَنِ، وقولُه:«مَنْ أتْلَفَ شيئًا ضَمِنَ، ومَن ادَّعَى البراءةَ لم يَبْرَأ»، فهذا مُقِرٌّ بأخْذِ سَكَنٍ ورُكُوبِ دابَّةٍ، ومُدَّعٍ البراءةَ، فعليه البَيِّنَةُ، وعلى المنكِرِ رَبِّ الدابَّةِ والدارِ اليمينُ، ويَأخُذُ القيمةَ (١).
(١٥٢٨) قال الشافعي: ومَن تَعَدَّى في وديعةٍ، ثُمّ رَدَّها إلى مَوْضِعِها الذي كانتْ فيه .. ضَمِنَ؛ لأنّه خَرَجَ مِنْ الأمانةِ، ولم يُحْدِثْ له رَبُّ المالِ اسْتِئمانًا، فلا يَبْرَأ حتّى يَدْفَعَها إليه.
(١٥٢٩) قال الشافعي: وإذا أعاره بُقْعَةً يَبْنِي فيها بِناءً .. لم يَكُنْ لصاحبِ البُقْعَةِ أن يُخْرِجَه حتّى يُعْطِيَه قيمةَ بنائِه قائمًا يومَ يُخْرِجُه، ولو وَقَّتَ له وَقْتًا، وكذلك لو أذِنَ له في البناءِ مُطْلَقًا، ولكنْ لو قال: فإن انْقَضَى
(١) في هامش س: «قال أبو بكر: هو كما قال المزني»، قال عبدالله: المنصوص عليهِ للشافعي ههنا أن القول قول الراكب، ونص في «كتاب المزارعة» (الفقرة: ١٧٠٤) على أن مثل هذه الصورة لو جرت في أرضٍ، فزعم المنتفع بها أنه استعارها، وزعم مالكها أنه لم يُبح له منافعها، وإنما أجَّرها، قال: القول قول المالك؛ فاختلف أصحابنا في المسألتين على طريقين: أصحهما عند الجمهور - في المسألتين قولان: وبه قال المزني والربيع، ثم الأظهر من القولين ما اختاره المزني، وهو أن القول قول المالك في المسألتين، ثم منهم من يقول بحصولهما على سبيل النقل والتخريج، ومنهم من يقول: هما منصوصان في كل واحدة من الروايتين، ومن أصحابنا من أقر النصَّين، وفرق بينهما بأن قال: استعارة الدابة معتادةٌ، فقول المنتفع ليس بعيدًا عن الصدق، والأصل براءتُه عن الأجرة، وإعارة الأرض بديعة في العادة، غيرُ معتادةٍ، فالظاهر مع المالك في نفي الإعارة. وانظر: «النهاية» (٧/ ١٤٥) و «العزيز» (٨/ ٤٦٣) و «الروضة» (٤/ ٤٤٣).