للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٥٥٩) قال الشافعي (١): أخبرنا مالك بن أنس، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال (٢): «الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة» (٣)، قال المزني: ووَصَلَه مِنْ غيرِ حديثِ مالكٍ أيوبُ وأبو الزبير عن جابرٍ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، مثلَ معنى حديثِ مالكٍ.

(١٥٦٠) واحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بما رُوِيَ عن أبي رافعٍ، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الجار أحق بسَقَبِه (٤)»، قال: فأقول: للشريكِ الذي لم يُقاسِمْ وللمقاسِمِ شُفْعَةٌ، كان لصيقًا أو غيرَ لصيقٍ، إذا لم يَكُنْ بينه وبين الدارِ طريقٌ نافذةٌ.

قلت له: فلِمَ أعْطَيْتَ بَعْضًا دون بعضٍ، واسْمُ الجوارِ يَلْزَمُهمْ، فمَنَعْتَ مَنْ بينك وبينه ذراعٌ إذا كان نافذًا، وأعْطَيْتَ مَنْ بينك وبينه رَحْبَةٌ أكثرُ مِنْ ألفِ ذراعٍ إذا لم تكن نافذة؟

وقلت له: «الجار أحق بسقبه» لا يحتمل إلّا معنيَيْن: لكلِّ جارٍ، أو بعضِ الجيران دون بعضٍ، فلمّا ثَبَتَ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: لا شُفْعَةَ فيما قُسِمَ .. دَلَّ على أنّ الشفعةَ للجارِ الذي لم يُقاسِمْ، دون الذي قاسَمَ، وحديثُكَ لا يُخالِفُ حديثَنا؛ لأنّه مُجْمَلٌ، وحديثُنا مُفَسَّرٌ، والمفَسَّرُ يُبَيِّنُ المجْمَلَ.


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «سمعت المزني يقول: حدثنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال».
(٢) كذا في ظ ز س، وفي ب: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالشفعة … ».
(٣) قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٣٤١): «سمعت أبا الفضل يقول: سئل أحمد بن يحيى عن اشتقاق الشفعة في اللغة، فقال: هي الزيادة، وهو أن يُشْفِعَك فيما اشترى حتى تضمه إلى ما عندك فتزيده وتشفعه به؛ أي: أنه كان واحدًا فضممت إليه ما زاد وشفعته به»، وقال ابن فارس في «الحلية» (ص: ١٥٥): «قد كانت الشفعة معروفة عند العرب في الجاهلية، وذلك أن عليًّا حدثنا، عن المفسر، عن القتيبي، قال: كان الرجل في الجاهلية إذا أراد بيع منزل أو حائط أتاه الجار والشريك والصاحب يشفع إليه فيما باع، فشَفَّعه، وجعله أولى به ممن بعد نسبه، فسميت شفعة، وسُمِّي طالبها: شفيعًا».
(٤) كذا في ظ ب س، وفي ز: «صقبه» بالصاد، وكلاهما صحيح، وهو القرب؛ يقال: «فلان جاري مساقبي ومصاقبي»؛ أي: عمود بيته بحذاء عمود بيتي، و «الصُّقُوبُ»: العُمُدُ التي تُعْمَد بها بيوت الأعراب، واحدها: صَقْبٌ. «الزاهر» (ص: ٣٤٣) و «الحلية» (ص: ١٥٦).