للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال: وهل يَقَعُ اسْمُ الجِوارِ على الشَّرِيكِ؟ قلت: نعم، امْرَأتُك أقْرَبُ إليك أم شَريكُكَ؟ قال: بل امْرَأتي؛ لأنّها ضَجِيعِي (١)، قلت: فالعربُ تَقولُ لامرأةِ الرجلِ: جارَتُه، قال: وأين؟ قلت: قال الأعشى:

أجارَتَنا بِينِي فإنّكِ طالقةْ … ومَوْمُوقَةٌ ما كُنْتِ فينا ووامِقَةْ

أجارَتَنا بِينِي فإنّكِ طالقةْ … كذاك أمورُ الناسِ تَغْدُو وطارقةْ

وبِينِي فإنّ البَيْنَ خيرٌ مِنْ العصا … وإلّا تَزالي فوقَ رأسِكِ بارقةْ

حَبَسْتُكِ حتّى لامَنِي الناسُ كُلُّهم … وخِفْتُ بأن تأتي لَدَيَّ ببائقةْ

وذُوقِي فَتَى حَيٍّ فإنّيَ ذائقٌ … فتاةً لحيٍّ مثلَ ما أنتِ ذائقةْ

قال المزني: هذا البَيْتُ ليس هو عن الشافعيِّ، وإنّما نحنُ رَوَيْناه، وقال عروة: «نَزَلَ الطلاقُ مُوافِقًا لطلاقِ الأعْشَى» (٢).


(١) كذا في ظ، وفي ز ب س: «ضجيعتي».
(٢) كذا في ز، وسقط من ظ قوله: «قال المزني: هذا البيت ليس عن الشافعي، وإنما نحن رويناه»، وسقط كذلك من س، لكنه استدرك بهامشه، ونصه: «قال المزني: وهذا البيت الخامس من غير الشافعي»، وفي ب عقب البيت الرابع: «وقال عروة: نزل الطلاق موافقًا لطلاق الأعشى، قال: وزاد المزني على الرواية: وذوقي فتى حي فإني ذائق … فتاةً لحَيٍّ مثلَ ما أنت ذائقة»، وقوله: «فتاة لحي» هكذا وردت في ب ز س، ثم زاد في ب مشطوبًا عليه: «قال [يحتمل أن يكون القائل إبراهيم بن محمد أو محمد بن عاصم]: سمعت الربيع يرويه: حبستك حتى لامني كل صاحب * وخفت»، ولا يخفى أن القائل في الموضعين راوي الكتاب عن المزني.
فائدة: ذكر أبو منصور الأزهري في «الزاهر» (ص: ٣٤٢) عن أحمد بن يحيى، روى عن ابن الأعرابي أنه قال: «الجار في كلام العرب على وجوه كثيرة: فالجار: الذي يجاورك بيتَ بيتَ، والجار النَّفِيح: وهو الغريب، والجار: الشريك في العقار المقاسم، والجار: الشريك في النسب بعيدًا كان أو قريبًا، والجار: الخفير، والجار: الحليف، والجار: الناصر، والجار: الشريك في التجارة، فوضى كانت أو عنانًا، والجار: امرأة الرجل، يقال: «هي جار» بغير هاء، والجار: فرج المرأة، والجار: الطِّبِّيجَة، وهي الإست، والجار: ما قرب من المنازل من الساحل»، قال أبو منصور: «فاحتمال اسم الجار لهذه المعاني يوجب الاستدلال بدلالة تدل على المعنى الذي يذهب إليه الخصم، ودلت السنة المفسرة أن المراد بالجار: الشريك، وهو قوله: «إنما جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشفعة فيما لم يقسم»، من حديث معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر»، قال: «قال أهل العربية: «إنما» تقتضي إيجاب شيء ونفي غيره؛ كقولهم: «إنما المرء بأصغَرَيْهِ، بقلبه ولسانه»، معناه: أن كمال المرء بهذين العضوين وإن صَغُرا، لا برُوائِه ومنظره، وكذلك معنى الحديث: أن الشفعه تُجعَل فيما لم يُقسَم، ولا تُجعَل فيما قُسِم». انتهى، وانظر: «الحلية» (ص: ١٥٥) لمعرفة بعض معاني «الجار» في كلام العرب.