للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بإجارةٍ، فقال: قد حَمَلْتُه لم يَكُنْ له ذلك إلّا بإقرارِ صاحبِه، وهذا أشْبَه القولَيْن، وكلاهما مَدْخُولٌ.

قال المزني: القولُ ما شَبَّه الشافعيُّ بالحقِّ (١)؛ لأنّه لا خلافَ أعْلَمُه بينهم أنّ مَنْ أحْدَثَ حَدَثًا فيما لا يَمْلِكُه أنّه مأخوذٌ بحَدَثِه، وأنّ الدَّعْوَى لا تَنْفَعُه، فالخَيَّاطُ مُقِرٌّ بأنّ الثَّوْبَ لرَبِّه، وأنّه أحْدَثَ فيه حَدَثًا، وادَّعَى إذْنَه وإجارةً عليه، فإنْ أقامَ بَيِّنَةً على دَعْواه، وإلّا حَلَفَ صاحِبُه وضَمَّنَه ما أحْدَثَ في ثَوْبِه (٢).

(١٦٨٢) قال الشافعي: ولو اكْتَرَى دابّةً فحَبَسَها قَدْرَ المسِيرِ .. فلا شيءَ عليه، وإنْ حَبَسَها أكْثَرَ مِنْ قَدْرِ ذلك .. ضَمِنَ.


(١) زاد في ب وهامش س: «أولى».
(٢) قد حكى الشافعي من قول ابن أبي ليلى أن القول قولُ الخياط، وحكى من مذهب أبي حنيفة أن القول قولُ رب الثوب، ورجَّحَ مذهبَ أبي حنيفة ورآه أوقع، ثم قال: «وكلاهما مدخول»، فأشار إلى قولٍ ثالثٍ في المسألة، وهو ما نصّ عليه في «الأمالي» أنهما يتحالفان، وحكاه عنه المزني في «الجامع الكبير»، واختلف أئمتنا، فمنهم من قال: مذهب الشافعي التحالف، وما سواه حكاه مذهبًا لغيره، وقد دفعه بقوله: «وكلاهما مدخول»، وبهذا قال أبو علي الطبري وصاحب «التقريب» والشيخ أبو حامد، ومن أصحابنا من أثبت للشافعي ثلاثة أقوالٍ، وأخذ ذلك من ترجيحه مذهبَ أبي حنيفة على مذهب ابن أبي ليلى، وهذا يُشعِر بتردده في القولين؛ فإن من يُفسد القولين لا يرجّح أحدهما على الثاني، ويُنقَل هذا عن القفال، ومنهم من قال: ليس في المسألة إلا قولان، واختلفوا في عينهما، فعن ابن سريج، وأبي إسحاق، وابن أبي هريرة، والقاضي أبي حامد وغيرهم؛ أنهما مذهب أبي حنيفة وابن أبي ليلى، ومنهم من قال: هما تصديق المالك والتحالف، وأما تصديق الخياط فإن الشافعي أعرض عنه، حيث رجح القول الآخر، وربما أولوه فقالوا: إنه يؤول إلى التحالف؛ لأنه إذا حلف الخياط خرج من ضمان الثوب، فيحلف المالك لنفي الأجرة، وهذا هو التحالف، والأصح: أن المسألة على قولين، وهما مذهب الإمامين: أبي حنيفة وابن أبي ليلى، ثم الأظهر منهما مذهب أبي حنيفة. انظر: «النهاية» (٨/ ١٧٨) و «العزيز» (١٠/ ٣١) و «الروضة» (٥/ ٢٣٦).