للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٦٧٩) ومُعَلِّمُ الكُتّابِ والآدَمِيِّينَ مُخالِفٌ لراعِي البهائمِ وصُنّاعِ الأعْمالِ؛ لأنّ الآدَمِيِّينَ يُؤدَّبُونَ بالكلامِ فيَتَعَلَّمُونَ، وليس هكذا تُؤدَّبُ البهائمُ، فإذا ضَرَبَ أحَدًا مِنْ الآدَمِيِّينَ لاسْتِصْلاحِ المضروبِ أو غيرِ اسْتِصْلاحِه فتَلِفَ .. كانت فيه دِيَتُه على عاقلتِه (١)، والكفّارَةُ في مالِه.

(١٦٨٠) وكذلك إنْ عَزَّرَ الإمامُ رَجُلًا فمات .. فالدِّيَةُ على عاقلتِه، والكفّارةُ في مالِه، والتَّعْزِيرُ ليس بحَدٍّ يَجِبُ بكُلِّ حالٍ (٢)، وقد يَجُوزُ تَرْكُه، ولا يَأثَمُ مَنْ تَرَكَه، قد فُعِلَ غيرُ شيءٍ في عَهْدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- غيرُ حَدٍّ فلم يَضْرِبْ فيه، مِنْ ذلك الغُلُولُ وغيرُه، ولم يُؤتَ بحَدٍّ قَطُّ فعَفاه، وبَعَثَ عُمَرُ إلى امرأةٍ في شيءٍ بلَغَه عنها فأسْقَطَتْ، فقيل له: إنّك مُؤَدِّبٌ، فقال له عليٌّ: «إنْ كان اجْتَهَد فقد أخْطَأ، وإنْ كان لم يَجْتَهِدْ فقد غَشَّ، عليك الدِّيَةُ»، فقال عمرُ: «عَزَمْتُ عليك أن لا تَجْلِسَ حتّى تَضْرِبَها على قَوْمِك»، قال الشافعي: فبهذا قُلْنا: خَطَأُ الإمامِ على عاقلتِه دون بيتِ المالِ.

(١٦٨١) قال الشافعي: ولو اخْتَلَفا في ثَوْبٍ، فقال رَبُّه: أمَرْتُكَ أنْ تَقْطَعَه قَمِيصًا، وقال الخَيّاطُ: بل قَباءً .. قال الشافعيُّ بعد أنْ وَصَفَ قولَ ابنِ أبي ليلى: إنّ القولَ قولُ الخَيّاطِ؛ لاجْتِماعِهما على القطعِ. وقولُ أبي حنيفةَ: أنّ القولَ قولُ رَبِّ الثَّوْبِ؛ كما لو دَفَعَه إلى رجلٍ، فقال: رهنٌ، وقال رَبُّه: وديعةٌ .. قال الشافعي: ولعلَّ مِنْ حُجَّتِه أن يَقولَ: وإن اجْتَمَعا على أنّه أمَرَه بالقطعِ فلم يَعْمَلْ له عَمَلَه؛ كما لو اسْتَأجَرَه على حَمْلٍ


(١) «عاقلة الرجل»: عصبته من قبل أبيه، وهم: إخوته وبنوهم وبنو بنيهم، ثم أعمامه وبنوهم وبنو بنيهم. «الزاهر» (ص: ٣٥١).
(٢) «التعزير»: شبه التأديب، وأصل العزر: الرد والمنع؛ كأنه يؤدبه تأديبًا يمنعه عن ارتكاب مثل ما ارتكب، ويقال للنصر: «تعزير» أيضًا؛ لأن مَنْ نَصَرتَه فقد مَنَعتَ عنه عدوه، ومنه قوله تعالى: (وعزرتموهم) [المائدة: ١٢]، تأويله: نصرتموهم بأن تردوا عنهم أعدائهم. «الزاهر» (ص: ٣٥٢).