للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٧٠٥) قال الشافعي: بِلادُ المسلمين شيئان: عامرٌ، ومَواتٌ (١).

فالعامرُ لأهلِه، وكلُّ ما صَلَحَ به العامرُ مِنْ طريقٍ، وفِناءٍ، ومَسِيلِ ماءٍ، وغيرِه .. فهو كالعامرِ في أن لا يُمْلَكَ على أهلِه إلّا بإذنِهم.

والموات شيئان: مَواتٌ قد كان عامرًا لأهلِه معروفًا في الإسلامِ، ثُمّ ذَهَبَتْ عِمارَتُه فصار مَواتًا، فذلك كالعامرِ لأهلِه، لا يُمْلَكُ إلّا بإذنِهم، والمواتُ الثاني: ما لم يَمْلِكْه أحَدٌ في الإسلام يُعْرَفُ، ولا عِمارَةَ مِلكٍ في الجاهليَّةِ، إذا لم يَمْلِكْ (٢)، فذلك المواتُ الذي قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أحْيا مَواتًا فهو له»، وعَطِيَّتُه -عليه السلام- عامَّةً لمَن أحْيا المواتَ أثْبَتُ مِنْ عَطِيَّةِ مَنْ بعده مِنْ سلطانٍ وغيرِه.

(١٧٠٦) وسواءٌ كان إلى جَنْبِ قريةٍ عامرةٍ أو نَهْرٍ أو حيثُ كان، وقد


(١) أراد بالبلاد: الأراضيَ، عبر عنها بالبلاد على دأب العرب، ويقال للأرض التي ليس لها مالك، ولا بها ماء ولا عمارة، ولا ينتفع بها إلا أن يُجرَى إليها ماء، أو تُستنبَطَ فيها عين، أو يُحفَرَ بئر: «مَوَات، ومَيْتَة، ومَوَتَان» بفتح الميم والواو، وكل شيء من متاع الأرض لا روح له فهو مَوَتان، يقال: «فلان يبيع المَوَتان»، وما كان ذا روح فهو الحيوان، و «أرض ميتة»: إذا يبست ويبس نباتها، فإذا سقاها السماء صارت حية بما يخرج من نباتها، و «رجل مَوْتان الفؤاد»: إذا كان غير ذكي ولا فَهِم، و «وقع في المال موتان وموات» وهو الموت الذريع، وأما «إحياء الموات» .. فالأرض لا يملكها أحد وتكون ميتة، فيجيء واحد فيحييها بإصلاحها وسقيها، فتكون له؛ لأن النبي -عليه السلام- جعلها له. «الزاهر» (ص: ٣٥٦) و «الحلية» (ص: ١٥١) وانظر: «النهاية» (٨/ ٢٨١).
(٢) هذا النص ممّا أُخذ على المزني، قال إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٢٨٥): «هذا فيه خلل؛ لأنه جعل قوله: (إذا لم يملك) تكرارًا لما سبق من قوله: (والموات الثاني: ما لم يملكه)، فجعلهما شيئًا واحدًا، وإنما قال الشافعي: (أو لم يُملك، فهو الموات)، فجعل المواتَ الذي يُملَك بالإحياء قسمين: أحدهما - لم يملكه أحد في الإسلام يعرف، وليس عليه عمارة في الجاهلية، والثاني - ما عليه عمارة في الجاهلية، فجعل المزني القسمين قسمًا واحدًا»، قال عبدالله: وكون هذا الثاني من الموات الذي يملك بالإحياء هو الأظهر من قولي الشافعي، والثاني: لا يملك؛ لأن الموات ما لم يَجرِ عليه ملك. وانظر: «العزيز» (١٠/ ١٣٢) و «الروضة» (٥/ ٢٧٩).