للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أقْطَعَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الدُّورَ (١)، فقال حَيٌّ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقال لهم: بنو عبد بن زُهْرَةَ (٢): نَكِّبْ عنّا ابنَ أمِّ عَبْدٍ، فقال لهم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «فلِمَ ابْتَعَثَنِي اللهُ إذنْ، إنّ الله لا يُقَدِّسُ أمَّةً لا يُؤخَذُ (٣) للضَّعِيفِ فيهم حَقُّه»، وفي ذلك دَلالةٌ على أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أقْطَعَ بالمدينة بين ظَهْرانَيْ عِمارَةِ الأنصارِ مِنْ المنازلِ والنخلِ، وأنّ ذلك لأهلِ العامرِ (٤)، ودَلالةٌ على أنّ ما قارب العامرَ يَكُونُ منه مَواتٌ.

(١٧٠٧) والمواتُ الذي للسلطانِ أن يُقْطِعَه مَنْ يَعْمُرُه خاصَّةً، وأن يَحْمِيَ منه ما رَأى أن يَحْمِيَه عامًّا لمنافعِ المسلمين (٥).

(١٧٠٨) والذي عَرَفْنا نَصًّا ودَلالَةً فيما حَمَى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أنّه حَمَى النَّقِيعَ (٦)، وهو بَلَدٌ ليس بالواسعِ الذي إذا حُمِيَ ضاقَت البلادُ على أهلِ المواشي حَوْلَه (٧) وأضَرَّ بهم، فكانوا يَجِدُون فيما سِواه مِنْ البلادِ سَعَةً لأنْفُسِهم ومَواشِيهِم، وأنّه قليلٌ مِنْ كثيرٍ مُجاوِزٍ للقَدْرِ (٨)، وفيه صَلاحٌ لعامَّةِ


(١) اسم موضع أقطعه النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-.
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «يقال لهم عبد بن زهرة»، وأيًّا كان فهذا غلط من المزني؛ لأن عبدَ بن زهرة لم يكونوا من بني عُذْرة، وإنما هم من قريش، وهم رهط عبدالرحمن بن عوف، قاله إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٢٨٧). وانظر: «المعرفة» للبيهقي (٩/ ١١).
(٣) كذا في ز ب س، وفي ظ: «حتى يؤخذَ».
(٤) كذا في ظ ب س، وفي ز: «وأن ذلك ليس لأهل العامر»، وهذا الصواب الذي قاله الشافعي، والصواب من جهة الرواية عن المزني ما أثبته، وقد غلطه إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٢٨٧).
(٥) اقتصر المزني على هذا، وغلطه إمام الحرمين فقال في «النهاية» (٨/ ٢٨٧): «هذا كلام يستدعي جوابًا، والشافعي قال: والموات الذي للسلطان أن يقطعه كذا وكذا».
(٦) قال النووي في زيادات «الروضة» (٥/ ٢٩٢): «النقيع: بالنون عند الجمهور، وهو الصواب، وقيل: بالباء الموحدة، وبقيع الغرقد بالباء قطعًا».
(٧) كذا في ظ ب س، وفي ز: «حولهم».
(٨) قال إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٢٨٨): «هذا مختلٌّ؛ فإن الشافعي قال: (فإنه قليل من كثير غيرُ مجاوز للقدر)، وقد يتجه تصويب المزني بأن نجعل (مجاوز) نعتًا لـ (كثير)، فنكسر الزاي، فيقال: من كثيرٍ مجاوزٍ للقدر».