للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المسلمين، بأن تَكونَ الخيلُ المعَدَّةُ لسبيلِ الله، وما فَضَلَ مِنْ سُهْمانِ أهلِ الصَّدَقاتِ، وما فَضَلَ مِنْ النَّعَمِ التي تُؤخَذُ مِنْ الجزيةِ تَرْعَى جميعُها فيه، فأمّا الخيلُ .. فقُوَّةٌ لجميعِ المسلمين ومَسْلَكُ سَبِيلِها أنّها لأهلِ الفَيْءِ المجاهدين، وأمّا النَّعَمُ التي تَفْضُلُ عن سُهْمان أهْلِ الصَّدَقاتِ .. فيُعادُ بها على أهلِها، وأمّا نَعَمُ الجزيةِ .. فقُوَّةٌ لأهلِ الفَيْءِ مِنْ المسلمين، فلا يَبْقَى مُسْلِمٌ إلّا دَخَلَ عليه مِنْ هذا خَصْلَةُ صَلاحٍ في دِينِه ونَفْسِه، أو مَنْ يَلْزَمُه أمْرُه مِنْ قريبٍ أو عامَّةٍ مِنْ مُسْتَحِقِّي المسلمين، فكان ما حَمَى عن خاصَّتِهم أعْظَمَ مَنْفَعَةً لعامَّتِهم مِنْ أهلِ دِينِهم، وقُوَّةً على مَنْ خالفَ دِينَ الله مِنْ عَدُوِّهِم.

(١٧٠٩) وقد حَمَى عمرُ بن الخطاب على هذا المعنى بعد رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ووَلَّى عليه مَوْلًى له يُقالُ له: هُنَيٌّ، فقال: «يا هُنَيُّ، ضُمَّ جَناحَك للنّاسِ، واتَّقِ دَعْوَةَ المظلومِ؛ فإنّ دَعْوَةَ المظلومِ مُجابَةٌ، وأدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ والغُنَيْمَةِ (١)، وإيّايَ ونَعَمَ ابنِ عفَّانَ ونَعَمَ ابنِ عَوْفٍ؛ فإنّهما إنْ تَهْلِكْ ماشِيَتُهما يَرْجِعَا إلى نَخْلٍ وزَرْعٍ، وإنّ رَبَّ الغُنَيْمَةِ يَأتِينِي بعِيالِه فيَقُولُ: يا أميرَ المؤمنين، يا أميرَ المؤمنين! أفَتارِكُهُم أنا لا أبا لَكَ؟ فالكلأ أهْوَنُ عليَّ مِنْ الدينارِ والدراهمِ».

قال المزني: هذا والله الكلامُ النَّقِيُّ، الذي مَنْ سَمِعَه يَظُنُّ أنّه يَقْدِرُ عليه، وإذا أرادَه أعْوَزَه (٢).


(١) كذا في ظ، وفي ز ب س: «ورب الغنيمة».
(٢) قول المزني من ظ، ولا وجود له في سائر النسخ ز ب س، ولا بد من شرح غريب مقولة عمر -رضي الله عنه-، فقوله: «ضُمَّ جناحَك للناس، واتَّقِ دعوة المظلوم» .. فمعنى ضَمِّ الجناح: اتقاء الله وخشيته، وألا يمد يده إلى ما لا يحل له، قال الله عز وجل: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: ٣٢]، وجناحا الرجل: عضداه ويداه، وقوله: «أَدخِلْ ربَّ الصُّرَيْمَةِ والغُنَيْمَة» .. فالصُّرَيْمَةُ: تصغير الصِّرْمَةِ، وهي من الإبل خاصة: ما جاوز الذَّود إلى الثلاثين، والذَّوْد من الإبل: ما بين الخمسه إلى العشرة، والغُنَيْمَةُ: ما بين الأربعين إلى المائة من الشاء، والغَنَمَ: ما يفرد لها راعٍ على حدة، وهي ما بين المائتين إلى أربعمائه. «الزاهر» (ص: ٣٥٧).