للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٧١٠) قال الشافعي: وليس للإمامِ أن يَحْمِيَ مِنْ الأرضِ إلّا أقَلَّها الذي لا يَبِينُ ضَرَرُه على مَنْ حَماه عليه.

(١٧١١) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا حِمَى إلّا للهِ ورسولِه»، قال: وكان الرجلُ العزيزُ مِنْ العربِ إذا انْتَجَعَ بَلَدًا مُخْصِبًا، أوْفَى بكَلْبٍ على جَبَلٍ إنْ كان به أو نَشَزٍ إن لم يَكُنْ، ثُمّ اسْتَعْوَى كَلْبًا ووَقَفَ له مَنْ يَسْمَعُ مُنْتَهَى صَوْتِه بالعُواءِ، فحَيْثُ انْتَهَى صَوْتُه حَماهُ مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ لنَفْسِه، ويَرْعَى مع العامَّةِ فيما سِواه، ويَمْنَعُ هذا مِنْ غَيْرِه لضَعْفَى سائمَتِه وما أراد معها، فنَرَى أنَّ قَوْلَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا حِمَى إلّا لله ورسولِه»: لا حِمَى على هذا المعنى الخاصِّ، وأنَّ قولَه: «لله» كُلُّ مَحْمِيٍّ وغيرِه (١)، ورسُولُه إنّما يَحْمِي إنْ شاء اللهُ (٢) لصَلاحِ عامَّةِ المسلمين، لا لِما يَحْمِي له غَيْرُه مِنْ خاصَّةِ


(١) قوله: «لا حمى» يقول: ليس لأحد أن يحمي من مراعي الكلأ التي الناس فيها سواء حمى يستأثر برعيه لماشيته ودوابه، ثم قال: «إلا لله ولرسوله»، يقول: إلا أن يحميه للخيل التي تركب في سبيل الله والركاب التي يحمل عليها في سبيل الله فترجع منافعها إلى جماعة المسلمين، وكانت سادة العرب في جاهليتها تستأثر بأنف الكلأ وأنيق المرتع فتحميها، ولا يدخل عليهم فيها غيرهم، فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مثل فعلهم، وأمر بألا يحمى شيء من مراتع المسلمين لعزيز أو شريف، إلا أن يرجع نفعه إلى جماعة أهل الإسلام، و «الانتجاع» في كلام الشافعي: المذهب في طلب الكلأ، وقوله: «أوفى بكلب على نشز»؛ أي: أشرف به على رابية من الأرض مرتفعة، وجمعه: أنْشاز. «الزاهر» (ص: ٣٥٨).
(٢) قوله: «إن شاء الله» في ظ ز س، وسقط من ب، وهو في «المزني» لا شك، وقد اعترض عليه بسببه، قال إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٢٨٩): «هذا استثناء في غير موضعه؛ فإنه يتضمن شكًّا وتردُّدًا، والشافعي لم يقل هكذا، ولم يذكر الاستثناء في حمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: إنه ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يذكر الاستثناء، فحذف المزني الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووضع الاستثناء مكانه»، قال عبدالله: لا يخفى ما فيه بعد قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون»، والله أعلم.