للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نَفْسِه، وذلك أنَّه -صلى الله عليه وسلم- لم يَمْلِكْ مالًا إلّا ما لا غِنَى به وبعِيالِه عنه ومَصْلَحَتِهم، حتَّى صَيَّرَ ما مَلَّكَه اللهُ مِنْ خُمُسِ الخُمُسِ ومالَه إذا حَبَسَ قُوتَ سَنَتِه مَرْدُودًا في مَصْلَحَتِهم في الكُراعِ (١) والسِّلاحِ عُدَّةً في سبيلِ اللهِ (٢)، وإنَّ نَفْسَه ومالَه كان مُفَرَّغًا لطاعةِ الله تبارك وتعالى، [فصَلّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، وجَزاه خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا عن أمَّتِه (٣).

قال المزني: ما رَأيْتُ مِنْ العلماءِ مَنْ يُوجِبُ للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في كُتُبِه ما يُوجِبُه الشافعيُّ لحُسْنِ ذِكْرِه رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فرَحْمَةُ الله عليه ورضوانُه] (٤).

(١٧١٢) قال: وليس لأحَدٍ أن يُعْطِيَ ولا يأخذَ مِنْ الذي حَماه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنْ أُعْطِيَه فعَمَرَه نُقِضَتْ عِمارَتُه (٥).


(١) «الكُراع»: اسم جامع للخيل وعدتها وعدة فرسانها. «الزاهر» (ص: ٣٥٧).
(٢) قال إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٢٩٠): «أخلّ المزني بنقل هذا اللفظ؛ لأنه نقل: (حتى صيّر ما ملّكه الله من خُمس الخُمس قوت سنته)، وهذا يوهم أنه كان ينفق من خمس الخمس، وليس الأمر كذلك، والشافعي قال: (صيّر ما ملّكه الله من خمس الخمس مردودًا في الكراع والسلاح»، قال عبدالله: كأن نسخة إمام الحرمين من «المختصر» لم تكن فيها كلمة «وماله»، وقد اتفقت عليها النسخ الأربع عندي، وهو مال آخر غير الخمس معطوف على ما جعله الله له من مال الخمس، وقوله: «إذا حبس قوت سنته» مستثنى من هذا المال الثاني دون مال الخمس، ولا اعتراض على المزني، والله أعلم.
(٣) اعلم أنه يجوز للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحمي لخاصة نفسه أيضًا، ولكنه لم يفعل، وأما غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فلآحاد لا يحمون أصلًا، ولا الأئمة لخاصة أنفسهم، وفي حماهم لمصالح المسلمين طريقان: أحدهما - القطع بالجواز، ويحكى عن صاحب «التقريب»، والظاهر أن المزني عليه، والمذهب - قولان: أظهرهما - الجواز. انظر: «العزيز» (١٠/ ١٥٧) و «الروضة» (٥/ ٢٩٢).
(٤) ما بين المعقوفتين من هامش س مصححًا.
(٥) هذا هو المذهب؛ لأن ما حماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نص، فلا يُنقَض ولا يُغيَّر بحال، وقيل: إن بقيت الحاجة التي حمى لها لم يغير، وإن زالت فوجهان: أصحهما - المنع؛ لأنه تغيير المقطوع بصحته باجتهاد، وأما حمى غيره -صلى الله عليه وسلم- .. فإذا ظهرت المصلحة في تغييره جاز نقضه ورده إلى ما كان على الأظهر رعاية للمصلحة، وفي قول: لا يجوز كالمقبرة والمسجد. انظر: «العزيز» (١٠/ ١٦٠) و «الروضة» (٥/ ٢٩٣).