للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بلادِ العَنْوَةِ ممّا عُمِرَ مرَّةً ثُمّ تُرِكَ فهو كالعامرِ القائمِ العِمارَةِ، مثل ما ظَهَرَتْ عليه الأنهارُ أو عُمِرَ بغير ذلك على نَطْفِ السماءِ أو بالرِّشاءِ (١)، وكُلُّ ما كان لم يُعْمَرْ قَطُّ مِنْ بلادِهم فهو كالمواتِ مِنْ بلادِ العربِ.

(١٧٢٤) وما كان مِنْ بلادِ العَجَمِ صُلْحًا .. فما كان لهم فلا يُؤخَذُ منهم، غيرَ ما صُولِحُوا عليه، إلّا بإذْنِهم، وإنْ صُولِحُوا على أنّ للمسلمين الأرضَ، ويَكُونُوا أحرارًا، ثُمّ عاملهم المسلمون بعدُ .. فالأرضُ كُلُّها صُلْحٌ، وخُمُسُها لأهلِ الخُمُسِ، وأربعةُ أخْماسِها لجماعةِ أهْلِ الفَيْءِ، وما كان فيها مِنْ مَواتٍ .. فهو كالمواتِ غيرِه، وإنْ وَقَعَ الصلحُ على عامرِها ومَواتِها .. كان المواتُ مملوكًا لمن مَلَكَ العامرَ؛ كما يَجُوزُ بَيْعُ المواتِ مِنْ بلادِ المسلمين إذا حازَه رجلٌ.

(١٧٢٥) ومَن عَمِلَ في مَعْدِنٍ في أرضٍ مِلْكُها لغيرِه .. فما خَرَجَ منه فلمالكِها، وهو مُتَعَدٍّ بالعملِ، وإنْ عَمِلَه بإذْنِه أو على أنّه ما خَرَجَ مِنْ عَمَلِه فهو له .. فسواءٌ، وأكثرُ هذا أن يَكُونَ هِبَةً لا يَعْرِفُها الواهبُ ولا الموهوبةُ له، ولم يَكُنْ، ولم يُقْبَضْ، وللآذِنِ الخيارُ في أن يُتِمَّ ذلك أو يَرُدَّ، وليس كالدابَّةِ يَأذَنُ في رُكُوبِها؛ لأنّه عَرَفَ ما أعْطاه وقَبَضَه.

(١٧٢٦) قال: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الماءِ ليَمْنَعَ به الكلأَ .. مَنَعَه اللهُ فَضْلَ رحمتِه يومَ القيامة»، قال الشافعي: وليس له مَنْعُ الماشيةِ مِنْ فَضْلِ مائِه، وله أن يَمْنَعَ ما يُسْقَى به الزَّرْعُ أو الشَّجَرُ إلّا بإذْنِه.


(١) أراد بنَطْف السماء: قطره، وبالرِّشاء: البئر التي يستقى منها بالرشاء، وهو الحبل. «الزاهر» (ص: ٣٦٠).