للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمر السلطان بتخريبه، ثم تسلّم السلطان البترون وجميع ما هناك من الحصون.

وكان لطرابلس مدّة طويلة بأيدى الفرنج من سنة ثلاث وخمسمائة إلى الآن.

قلت: وكان فتح طرابلس الأوّل فى زمن معاوية بن أبى سفيان، رضى الله عنه، وتنّقلت فى أيدى الملوك، وعظمت فى زمن بنى عمّار قضاة طرابلس وحكّامها. فلمّا كان فى آخر المائة الخامسة ظهرت طوائف الفرنج فى الشام واستولوا على البلاد فامتنعت عليهم طرابلس مدّة حتّى ملكوها بعد أمور فى سنة ثلاث وخمسمائة، واستمرّت فى أيديهم إلى أن فتحها الملك المنصور قلاوون فى هذه السنة.

وقال شرف الدين محمد بن موسى المقدسىّ الكاتب فى «السّيرة المنصوريّة» :

إن طرابلس كانت عبارة عن ثلاثة حصون مجتمعة باللسان الرومى، وكان فتحها على يد سفيان بن مجيب «١» الأزدىّ، بعثه لحصارها معاوية بن أبى سفيان فى خلافة عثمان بن عفّان، رضى الله عنه، انتهى كلام شرف الدين باختصار.

قلت: وأما طرابلس القديمة كانت من أحسن المدن وأطيبها، ثمّ بعد ذلك اتخذوا مكانا على ميل من البلدة وبنوه مدينة صغيرة بلا سور، فجاء مكانا ردىء الهوى والمزاج من الوخم. انتهى.

ولمّا فتحت طرابلس كتبت الشائر إلى الآفاق بهذا النصر العظيم، ودقّت البشائر والتهانى وزيّنت المدن وعملت القلاع فى الشوارع وسرّ الناس بهذا النصر غاية السّرور. وأنشأ فى هذا المعنى القاضى تاج الدين ابن الأثير كتابا إلى صاحب اليمن بأمر الملك المنصور يعرّفه بهذا الفتح العظيم وبالبشارة به. وأوّله: