للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام، فركبنا على الفور بمن كان معنا ولم يسعنا بعد هذا المقام؛ ودخلنا البلاد وقدّمنا النّية، وعاهدنا الله تعالى على ما يرضيه عند بلوغ الأمنية؛ وعلمنا أنّ الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر بأن يسعوا فى الأرض فسادا [والله «١» لا يحبّ الفساد] ، وأنه يغضب لهتك الحريم وسبى الأولاد؛ فما كان إلا أن لقيناكم بنيّة صادقة، وقلوب على الحميّة للدين موافقة؛ فمزّقنا كم كلّ ممزّق، والذي ساقنا إليكم، هو الذي نصرنا عليكم؛ وما كان مثلكم إلا كمثل قرية كانت آمنة مطمئنة الآية. فولّيتم الأدبار، واعتصمتم من سيوفنا بالفرار، فعفونا عنكم بعد اقتدار، ورفعنا عنكم حكم السيف البتّار؛ وتقدمنا إلى جيوشنا ألّا يسعوا فى الأرض كما سعيتم، وأن ينشروا من العفو والعفاف ما طويتم، ولو قدرتم ما عفوتم ولا عففتم «٢» ؛ ولم نقلّدكم منّة بذلك، بل حكم الإسلام فى قتال البغاة كذلك؛ وكان جميع ما جرى فى سالف القدم، ومن قبل كونه جرى به فى اللّوح القلم؛ ثم لمّا رأينا الرعيّة تضرّروا «٣» بمقامنا فى الشام، لمشاركتنا «٤» لهم فى الشراب والطعام؛ وما حصل فى قلوب الرعيّة من الرّعب، عند معاينة جيوشنا التى هى كمطبّقات السّحب؛ فأردنا أن نسكّن تخوّفهم بعودتنا من أرضهم بالنصر والتأييد، والعلوّ والمزيد؛ فتركنا عندهم بعض جيوشنا بحيث تنونّس بهم، وتعود فى أمرها «٥» إليهم؛ ويحرسونهم من تعدّى بعضهم على بعض، بحيث إنّكم ضاقت بكم الأرض؛ إلى أن يستقرّ جأشكم، وتبصروا رشدكم؛ وتسيّروا إلى الشام من يحفظه من أعدائكم المتقدمين، وأكرادكم «٦»