للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتركوهم بها فماتوا عطشا، ومنهم من دار بهم وأوصلوهم إلى غوطة دمشق، فخرجت إليهم عامّة دمشق فقتلوا منهم خلقا كثيرا. ثم تتبّعت الحكّام النّهبة وعاقبوا منهم جماعة كثيرة حتّى تحصل أكثر ما نهب من الخزائن ولم يفقد منه إلّا القليل. ثم خلع السلطان على الأمراء جميعهم، ثم حضر الأمير برلغى وقد كان انهزم فيمن انهزم، فلم يأذن له السلطان فى الدخول عليه، وقال: بأىّ وجه تدخل علىّ أو تنظر فى وجهى! فما زال به الأمراء حتى رضى عنه. ثم قبض على رجل من أمراء حلب كان قد انتمى إلى التتار وصار يدلّهم على الطّرقات، فسمّر على جمل وشهّر بدمشق وضواحيها، واستمرّ الناس فى شهر رمضان كلّه فى مسرّات تتجدد، ثم صلّى السلطان صلاة عيد الفطر وخرج فى ثالث شوّال من دمشق يريد الديار المصريّة.

وأمّا التتار فإنّه لمّا قتل أكثرهم ودخل قطلو شاه الفرات فى قليل من أصحابه ووصل خبر كسرته إلى همذان «١» ، ووقعت الصّرخات فى بلادهم، وخرج أهل تبريز «٢» وغيرها إلى لقائهم واستعلام خبر من فقد منهم حتّى علموا ذلك، فقامت النّياحة فى مدينة تبريز شهرين على القتلى.

ثم بلغ الخبر غازان فاغتمّ غمّا عظيما وخرج من منخريه دم كثير حتّى أشفى على الموت واحتجب عن حواشيه، فإنه لم يصل إليه من عساكره من كلّ عشرة واحد! ممن كان انتخبهم من خيار جيشه. ثم بعد ذلك بمدّة جلس قازان وأوقف قطلو شاه مقدّم عساكره وجوبان وسوتاى ومن كان معهم من الأمراء، وأنكر على قطلو شاه وأمر بقتله، فما زالوا به حتى عفا عنه وأبعده من قدّامه حتى صار على