وأمر ضرب شيخون كان فى يوم الاثنين من شعبان سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، وهو أن السلطان الملك الناصر حسنا جلس فى اليوم المذكور على كرسى الملك بدار العدل «١» للخدمة، والأمراء جلوس فى الخدمة والقضاة والأعيان وجميع أرباب الدولة، وبينما السلطان جالس على كرسى الملك وثب مملوك من المماليك السلطانية يسمّى قطلو خجا السلاح دار على الأمير الكبير شيخون، وضربه بالسيف ثلاث ضربات أصابت وجهه ورأسه وذراعه، فوقع شيخون مغشيّا عليه، وأرجف بموته، وقام السلطان من على الكرسى ودخل الى القصر، ووقعت الهجّة، فلمّا سمعت مماليك شيخون بذلك، طلعوا القلعة راكبين صحبة أمير خليل بن قوصون أحد الأربعة المقبوض عليهم بعد ذلك، فحملوا شيخون على جنويّة «٢» وبه رمق، ونزلوا به الى داره، وأحضروا الجرائحية فأصلحوا جراحاته، وبات شيخون تلك الليلة، وأصبح السلطان الملك الناصر حسن نزل لعيادته من الغد، فدخل عليه وحلف له أن الذي وقع لم يكن بخاطره ولا له علم به، وكان الناس ظنوا أن السلطان هو الذي سلّطه على شيخون، فتحقّق الناس براءة السلطان، وطلع السلطان الى القلعة وقد قبض على قطلو خجا المذكور، فرسم السلطان بتسميره فسمّر.
ثم وسّط فى اليوم المذكور، بعد أن سأل السلطان قطلوخجا السلاح دار المذكور عن سبب ضرب شيخون بالسيف، فقال: طلبت منه خبزا فمنعنى منه وأعطاه لغيرى. ولزم شيخون الفراش من جراحه الى أن مات فى ذى القعدة من السنة، وبموته خفّ عن السلطان أشياء كثيرة، فإنه كان ثقيل الوطأة على السلطان الى الغاية، بحيث إن السلطان كان لا يفعل شيئا حتى يشاوره حقيرها وجليلها، فلما مات التفت السلطان حسن الى إنشاء مماليكه، فأمّر منهم جماعة كثيرة على ما سيأتى ذكره.