للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} أخبارٌ مترادفة، تلخيصه: ذلكُمُ اللهُ المنعوتُ بهذهِ النعوتِ لا يجوزُ أن يُعْبَدَ غيرُه.

{فَاعْبُدُوهُ} فأطيعوهُ.

{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} رقيب على أعمالِكم، فيجازيكم عليها.

...

{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)}.

[١٠٣] {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} لا تحيطُ به.

{وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} لا يفوتُه منها شيء، فيبصرُ ما لا يبصرُ خلقُه، وخلقُهُ لا يُبصرون ما يُبصرُ، والمعتزلةُ يتمسَّكون بظاهرِ هذهِ الآية في نفي رؤيةِ الله عَزَّ وَجَلَّ، ومذهبُ أهلِ السُّنةِ إثباتُ رؤيتِه سبحانه في الآخرةِ، جاء به القرآنُ والسنةُ، وعليه اتفاقُ الأئمة، قال الله تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٣] وقال في الكفار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَيانًا" (١)، وقالَ مالكٌ: لو لم يرَ المؤمنونَ ربَّهم يومَ القيامةِ، لَمْ يُعَيِّروا الكفارَ بالحِجابِ، وقال أبو حنيفةَ: واللهُ تعالى يُرَى في الآخرةِ، يراهُ المؤمنونَ في الجنة بأعينِ رؤوسِهم بلا شُبهةٍ ولا كيفيةٍ، ولا يكونُ بينَه وبينَ خلقه مسافةٌ، وقال الشافعيُّ: لما حُجِبَ قومٌ بالسخطِ، دلَّ على أن قومًا يرونه بالرِّضا، وقال أحمدُ: إنَّ الله تعالى يتجلَّى


(١) رواه البخاري (٦٩٩٨)، كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}، عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-.