للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)}.

[١٠٠] {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا} مُتَحَوَّلًا ومُهاجَرًا.

{كَثِيرًا} المعنى: مكانًا يتحول به على رغمِ أنفِهم، وأصلُ الرَّغْمِ: لصوقُ الأنفِ بالرّغامِ ذُلًّا، وهو الترابُ.

{وَسَعَةً} في الرزقِ، فلما سمعَ جُنْدَعُ بنُ ضَمْرةَ هذه الآيةَ، وكان شيخًا كبيرًا، خرجَ من مكةَ محمولًا على سريرِه مهاجِرًا إلى المدينة، فماتَ في الطريقِ، فقالَ بعضُ المسلمينَ: لو وصلَ إلى المدينةِ، لكانَ أتمَّ أجرًا، وضحكَ المشركون، وقالوا: ما أدركَ هذا ما طلبَ، فنزل:

{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} (١) قبلَ بلوغِه مُهاجَرَهُ.

{فَقَدْ وَقَعَ} أي: وجبَ.

{أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} بإيجابِه على نفسِه فضلًا منه سبحانه.

{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} لِما كانَ منه في الشِّركِ.

{رَحِيمًا} حينَ قبلَ توبتَهُ؛ فعندَ الإمامِ أحمدَ والأكثر: لا يجبُ على اللهِ شيءٌ، لا عقلًا، ولا شرعًا، وقال جمعٌ: يجبُ عليه شرعًا بفضلِه وكرمِه، وحكي عن أهل السُّنِة، وعندَ المعتزلة يجبُ علية رعايةُ الأصلحِ.


(١) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٩٨)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (١/ ٥١٥)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٢/ ٦٥٣).