على البشرِ؛ لأنه تعالى ذكرَ عيسى عليه السلام، ثم ارتقى إلى الملائكةِ، والارتقاءُ إنما يكونُ إِلى الأعلى، فلا يقالُ: لا يستنكفُ زيدٌ من كذا، ولا عبده، إنما يقال: لا يستنكفُ من كذا، ولا مولاه، ومن لا يُفَضِّلُهم يقول: لم يذكرِ الملائكةَ تفضيلًا لهم على البشرِ، بل رَدًّا على الذين يقولونَ: الملائكةُ آلهةٌ، كما ردَّ على النصارى قولَهم: المسيحُ ابنُ الله، وتقدَّمَ في سورة البقرة ذكرُ مذهبِ أهل السنَّةِ في تفضيلِ الأنبياءِ على الملائكةِ عندَ تفسير قوله تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[الآية: ٣١]، ثم قالَ مُتَهدِّدًا:
{وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ} يترفعْ عنها، والاستكبار دون الاستنكاف.
[١٧٣]{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} من الحسناتِ ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذنٌ سمعَتْ، ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ.