للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَقْبلوها ويَعْملوا بأحكامها، فَأَبَوْا؛ لما فيها من الآصارِ والأثقالِ، وكانتْ شريعةً ثقيلةً، فأمر اللهُ جبريلَ -عليه السلام- فقلعَ جبلًا على قدرِ عسكرهم، وكان فَرْسَخًا في فرسخ، فرفعه فوقَ رؤوسهم مقدارَ قامةِ الرجل كالظُّلَّة؛ أي: كالسحابة، وقال لهم: إن لم تقبلوا التوراة، أرسلتُ هذا الجبلَ عليكم، وبعثَ نارًا من قِبَل وجوههم، وأتاهم البحرُ المالح من خلفِهم.

{خُذُوا} أي: وقلنا لهم: {خُذُوا}.

{مَا آتَيْنَاكُمْ} أعطيناكم.

{بِقُوَّةٍ} بجد واجتهاد ومواظبة.

{وَاذْكُرُوا} واعلموا وادرسوا.

{مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} لكي تنجو من الهلاك في الدنيا، والعذاب في العقبى، فإن قبلتم، وإلا رَضَخْتكم بهذا الجبلِ، وَغرَّقْتكم في البحر، وأحرقْتكم بهذه النار، فلما رأوا أنْ لا مهربَ لهم منها، قبلوا، وسجدوا، وجعلوا يلاحظون الجبلَ وهم سجود، فصارَتْ سُنَّةً في اليهود، لا يسجدون إلا على أنصاف وُجوههم، ويقولون: بهذا السجودِ رُفع العذاب عنا (١).

{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٤)}.

[٦٤] {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ} أي: أعرضتم.

{مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي: من بعد ما قَبِلتم التوراة.


(١) "عنا" سقطت من "ن".