للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، فهبط النسورُ بالتابوتِ، فسمعت الجبالُ حفيفَ التابوتِ والنسورِ، ففزعَتْ، وظنتْ أن حدثَ في السماءِ أمرٌ، أو أنَّ الساعةَ قد قامت، فكادتْ تزولُ عن أماكِنها، فذلك قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} ثم أرسلَ اللهُ ريحًا على صرحِ نمرود، فألقتْ رأسَه في البحر، وانكفأتْ بيوتُهم، وأخذت النمرودَ الرجفةُ، وتبلبلَتْ ألسنةُ الناسِ حينَ سقطَ الصرحُ من الفزعِ، فتكنموا بثلاثةٍ وسعبينَ لسانًا، فلذلك سميت: بابِل؛ لتبلبلِ الألسنِ بها، وكانَ لسانُ الناسِ يومئذٍ بالسريانيةِ (١).

...

{فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤٧)}.

[٤٧] {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} في الكلامِ تقديمٌ وتأخيرٌ تقديُره: فلا تحسبنَّ اللهَ مخلِفَ رسلِه وعدَهُ من النصرِ لأوليائِه، وهلاكِ أعدائِه، وهذا تثبيتٌ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولغيرِه من أُمَّتهِ، المعنى: لا تحسَبْ يا محمدُ أنتَ ومن اعتبرَ بالأمرِ من أمتكَ أنَّ اللهَ لا ينجِزُ ميعادَه في نصرةِ رسلهِ ومعاقبةِ مَنْ كفرَ بهم.

{إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} غالبٌ لا يُدَافَعُ.

{ذُو انْتِقَامٍ} من الكَفَرَةِ، لا سبيلَ إلى عفوِه عنهم.

...


(١) انظر: "تفسير الطبري" (١٣/ ٢٤٤)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٥٦٩).