فرد عليهم خير أكثر من ذلك {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ} وهم باليمن {وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} بالماء والشجر، وهي قرى الشام {قُرًى ظَاهِرَةً} متقاربة، تظهر الثانية من الأولى؛ لقربها منها، وكان متجرهم من اليمن إلى الشام، فكانوا يبيتون بقرية، ويَقيلون بأخرى، وكانوا لا يحتاجون إلى حمل زاد من سبأ إلى الشام.
{وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ} للمبيت والمقيل، فكان سيرهم في الغدو والرواح على قدر نصف يوم، فإذا ساروا نصف يوم، وصلوا إلى قرية ذات مياه وأشجار، وقلنا لهم:{سِيرُوا فِيهَا} لمصالحكم {لَيَالِيَ وَأَيَّامًا} أي: ليلًا ونهارًا {آمِنِينَ} من العدو والجوع والعطش.
[١٩] فبطروا النعمة، وسئموا الراحة، {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} فاجعل بيننا وبين الشام فلواتٍ ومفاوزَ؛ ليتطاولوا فيها على الفقراء بركوب الرواحل، وتزود الأزواد، فعجل الله لهم الإجابة بتخريب القرى المتوسطة. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وهشام:(بَعِّدْ) بنصب الباء وكسر العين مشددة من غير ألف مع إسكان الدال، وقرأ الباقون سوى يعقوب كذلك، إلا أنهم بالألف بعد الباء وتخفيف العين (١)، وكلٌّ على وجه الدعاء