للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} من الملائكة والسموات والأرضين وما فيهما، وجيء (بمن) تغليبًا للعقلاء، وقيل: أم من خلقنا من الأمم قبلهم، ثم أومأ إلى ضعفهم؛ لأن من خُلق من ضعف فهو ضعيف.

فقال: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} لاصق يعلق باليد.

...

{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}.

[١٢] {بَلْ عَجِبْتَ} قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: بضم التاء خبرًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: قل يا محمد: بل عجبتُ، وقيل: هو خبر عن الله تعالى، والتعجب من الله ليس كالتعجب من الآدميين؛ لأنه من الناس إنكار وتعظيم، ومن الله قد يكون بمعنى الإنكار والذم، وقد يكون بمعنى الاستحسان والرضا كما جاء في الحديث: "عجبَ ربُّكم من شابٍّ ليست له صَبْوةٌ" (١)، وهي عبارة عما يظهره الله تعالى في جانب المتعجَّب منه من التعظيم أو التحقير، حتى يصير الناس متعجبين منه، وقرأ الباقون: بالفتح خطابًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - (٢)، المعنى: تعجبت يا محمد من تركهم الإيمان بعد قيام البرهان.


(١) رواه أحمد في "المسند" (٤/ ١٥١) وأبو يعلى في "مسنده" (١٧٤٩)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٧/ ٣٠٩) من حديث عقبة بن عامر، وفيه ابن لهيعة. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٧٠): وإسناده حسن.
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٤٧)، و "التيسير" للداني (ص: ١٨٦)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٦٥٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٢٣١).