للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)}.

[٥٨] {ذَلِكَ} أي: هذا الذي ذكرتُه لكَ من خبرِ عيسى ومريمَ والحواريينَ.

{نَتْلُوهُ عَلَيْكَ} نخبرُكَ بهِ بتلاوةِ جبريلِ عليه السلام.

{مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} القرآنِ المحكَمِ الممنوعِ من كُلِّ خَلَلٍ.

{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)}.

[٥٩] {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ} في كونِه خَلْقًا من غيرِ أبٍ.

{كَمَثَلِ آدَمَ} في كونِه خَلْقًا من غيرِ أبٍ وأُمٍّ، وتم الكلامُ على قوله: {آدَمَ} ثم قال: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} قَدَّرَهُ جَسَدًا من طينٍ. نزلَتْ لما قالَ وفدُ نجرانَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: تشتمُ صاحِبَنا تقولُ إنَّه عبدٌ؟! قالَ: "أَجَلْ إنَّهُ عَبْدُ اللهِ ورَسُولُه" قالوا: هل رأيتَ وَلَدًا من غيرِ أبٍ؟! فنزلَتِ الآيةُ (١)، فَشُبِّهَ عيسى بآدمَ من حيثُ إن آدمَ خُلقَ بغيرِ أبٍ ولا أمٍّ، وهذا من تشبيهِ الغريبِ بالأغربِ؛ لأن خلقَ آدمَ أغربُ من خَلْق عيسى؛ ليكونَ أقطعَ للخَصْم، وأوقَعَ في النفس، والمعنى: خلقَ قالَبَهُ من التراب (٢).

{ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يعني: فكان؛ أي: أنشأه بشرًا؛ كقوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤].


(١) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٥٥).
(٢) في "ت": "بالتراب"، وفي "ن": "على التراب".