لهم {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا} ظُلْمًا واعتداءً، وكانَ البحرُ قدِ انفلقَ لموسى وقومِه، فلما وصلَ فرعونُ بجنودِه إلى البحر، هابوا دخولَه، فتقدَّمَهم جبريلُ في صورةِ هامانَ على فرسٍ وَدِيقٍ؛ أَيْ: شَهِيٍّ، وهي التي في فَرْجِها بَلَلٌ وخاضَ البحرَ، فاقتحمتِ الخيولُ، وتقدَّمَ ذكرُ القصةِ مستوفىً في سورةِ البقرةِ عندَ تفسيرِ قوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} [البقرة: ٥٠]، فلما دخلَ آخرُهم، وهمَّ أَوَّلُهم أَنْ يخرجَ، انطبقَ عليهِم الماءُ.
{حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} أي: قارَبَه، وكانَ هذا في يومِ عاشوراءَ {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ} قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (إِنَّهُ) بكسرِ الألفِ على الاستئنافِ بدلًا من (آمَنْتُ)، والباقون: بالفتحِ على حذفِ الباء التي هي صلةُ الإيمان (١)؟ أي: بأنه.
{لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وكرر معنى الإيمان ثلاثَ مراتٍ حرصًا على القَبول، فلم يُقْبَلْ؛ لأنه فَرَّطَ، ولم يكنْ وقتَ قَبولٍ.
...
{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١)}.
[٩١] فعندَ ذلكَ دَسَّ جِبْريلُ عليه السلام في فيهِ مِنْ حَمَإِ البحرِ، وقال: {آلْآنَ} تؤمنُ {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} الضالِّينَ
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٣٠)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٣)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٣٧٦)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٨٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٩١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute