واختلفوا في نصارى بني تغلبَ، وهم قوم ذوو شوكةٍ من العرب، انتقلوا في الجاهليةِ إلى النصرانية، فطلب عمرُ رضي الله عنه منهم الجزية، فأبوا، وطلبوا أن يؤخذ منهم كالزكاةِ من المسلمين، فأبى عمرُ، ثمّ خاف أن يلحقوا بالرومِ، فصالحهم على أن يضاعفَ عليهم مثلَ زكاةِ المسلمين بمحضرٍ من الصَّحابةِ، فقال أبو حنيفةَ وأحمدُ؛ يؤخذ منهم مثلَ ما يؤخَذُ من زكاةِ المسلمين، والمأخوذُ منهم واجبٌ بشرط الزكاةِ وأسبابِها، فلا تؤخذُ من فقير، ولا ممَّنْ مالُه غيرُ زكويٍّ، ومصرفُه مصرفُ الجزيةِ، فأبو حنيفةَ خصَّ الأخذَ بالرجالِ منهم والنساءِ دونَ الصبيانِ، وأحمدُ قال: يؤخذ من نسائِهم ومن صبيانِهم أيضًا، ومجانيِنهم، وكذا الحكمُ عنده في نصارى العرب ويهودِهم ومجوسِهم، وقال مالكٌ والشّافعيُّ: لا يؤخذ من نسائِهم وصبيانِهم، وحكمُهم كغيرِهم في ذلك.
واختلفوا في سقوطِ الجزيةِ بالإسلام والموتِ بعدَ وجوبها، فقال أبو حنيفةَ: تسقطُ بهما، وقال مالكٌ وأحمدُ: تسقطُ بالإسلامِ دونَ الموتِ، وقال الشّافعيّ: لا تسقطُ بهما.