للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَيَغْفِرْ لَكُمْ} بالتجاوز والعفوِ عنكم.

{وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} تنبيهٌ على أن ما وعده لهم على التقوى تفضلٌ منه وإحسانٌ، وأنّه ليس ممّا يوجبُ تَقَوِّيَهُمْ عليه؛ كالسيدِ إذا وعدَ عبدَه إنعامًا على عمل.

* * *

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)}.

[٣٠] {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} تذكارٌ لما مكرَ قريشٌ به حين كان بمكةَ؛ ليشكرَ نعمةَ الله في خلاصِه من مكرِهم، واستيلائِه عليهم، والمعنى: واذكرْ إذ يمكرون بكَ، وكان ذلك المكرُ أن أكابرَ قريش اجتمعوا في دارِ الندوة بمكةَ مشاورين في الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد إسلامِ الأنصار، فاعترضهم إبليسُ في صورة شيخٍ، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: شيخٌ من نَجْدٍ، سمعتُ باجتماعِكم، فأردت أن أحضرَ معكم، ولن تعدموا مني رأيًا ونصحًا، فقالوا: ادخلْ، فدخلَ، فقال أبو البختريِّ: أرى أن تُوثقوه وتحبسوه في بيتٍ وتسدُّوا عليه غيرَ كَوَّةٍ تكونُ منها طعامه وشرابه حتّى يهلكَ، فقال عدوُّ اللهِ إبليسُ: بئسَ الرأيُ ذلكم، يأتيكم من يخليه من أيديكم، وقال هشامُ بنُ عمرٍو من بني عامرِ بنِ لؤيٍّ: أرى أن تُخرجوه من بين أظهُرِكم، فقال عدوُّ الله إبليسُ: بئسَ الرأيُ ذلكم، يذهبُ إلى قوم فيستميلُ قلوبهم، ويسير بهم إليكم، ويخرجُكم من بلادكم، وقال أبو جهلٍ: أرى أن تأخذوا من كلِّ بطنٍ من قريش شابًّا، فَيُعْطى سيفًا صارمًا، فيضربوه ضربةَ رجلٍ واحدٍ حتّى يُقتل، فإذا تفرَّقَ دمُه في القبائل،