للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال عليه السلام: "قِليلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثيرٍ لاَ تُطِيقُهُ"، فراجعَهُ وقال: والذي بعثَكَ بالحق! لئنْ رزَقني مالًا؛ لأعطينَّ كل ذي حَقٍّ حقَّهُ، فدعا لهُ فاتخذَ غنمًا، فنمَتْ كما ينمى الدودُ، حتى ضاقَتْ بها المدينةُ، فنزلَ واديًا، وانقطعَ عن الجمعةِ والجماعةِ، فسألَ عنه - صلى الله عليه وسلم -، فقيل: كثرَ مالهُ حتى لا يسعُه وادٍ، فقال: "يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ! "، فبعث مُصَدِّقَينِ لأخذِ الصدقاتِ، فاستقبلَهما الناسُ بصدقاتِهم، ومرَّا بثعلبةَ فسألاهُ الصدقةَ، وأقرآه الكتابَ الذي فيه الفرائضُ، فقال: ما هذهِ إلا جزيةِ، ما هذهِ إلا أختُ الجزيةِ، فارجِعا حتى أَرى رأيي، فنزلتْ، فجاءَ ثعلبةُ بالصدقةِ فقالَ: "إنَّ اللهَ مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ مِنْكَ"، فجعلَ يحثو على رأسه الترابَ، فقالَ: "هَذَا عَمَلُكَ؛ فَقَدْ أَمَرْتُكَ فَلَمْ تُطِعْنِي"، فَقُبِضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءَ بها إلى أبي بكرٍ في خلافتهِ، فلم يقبلْها، ثم جاءَ بها إلى عمرَ في خلافتِه، فلم يقبلْها، ثم جاء بها إلى عثمانَ فلم يقبلْها، وهلك في خلافتِه (١).

* * *

{فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦)}.

[٧٦] {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ} منعوا حق الله منه {وَتَوَلَّوْا} عن طاعة الله {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} وهم قومٌ عادتُهم الإعراضُ عنها.

* * *


(١) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٤/ ٢٥٠)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٧٨٧٣)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ١٤٣)، والبغوي في "تفسيره" (٢/ ٣٠٧)، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-.