للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥)}.

[٣٥] {أَمْ يَقُولُونَ} هؤلاء الكفرةُ {افْتَرَاهُ} افترى نوحٌ هذا التوعُّدَ بالعذاب، وأراد الإرهابَ علينا بذلك، وقيل: إن هذه الآيةَ اعترضَتْ في قصةِ نوحِ، وهي في شأنِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - مع كفارِ قريشٍ، وذلك أنهم قالوا: افترى القرآنَ، وافترى هذهِ القصةَ عن نوحٍ، فنزلتِ الآيةُ في ذلك، والأولُ هو قولُ ابنِ عباسٍ (١)، قال القرطبيُّ: وهو أظهرُ؛ لأنه ليسَ قبلَه ولا بعده إلا ذكرُ نوحٍ وقومِه، فالخطاب منهم ولهم (٢).

{قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} المعنى: إن صحَّ أني افتريتُه، فعلي جزاءُ افترائي.

{وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ} من الكفرِ والتكذيبِ. قرأ أبو جعفرٍ بخلاف عنه: (بَرِيٌّ) و (بَرِيُّونَ) حيثُ وقعَ بتشديدِ الياءِ بغيرِ همزٍ، والباقون: بالهمزِ والمدِّ.

...

{وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)}.

[٣٦] {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} معنى الكلام: الإياسُ من إيمانهم، واستدامةُ كفرِهم تحقيقًا لنزولِ الوعيدِ بهم.


(١) انظر: "تفسير الطبري" (١٢/ ٣٢ - ٣٣)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٣٩٨).
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" (٩/ ٢٩).