للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القحطُ، وكانَ يوسفُ لا يشبعُ مدةَ القحطِ مخافةَ نِسيانِ الجياعِ، فباعَ الطعامَ من أهلِ مصرَ في السنةِ الأولى بالدنانيرِ والدراهمِ، والثانيةِ بالحليِّ والجواهرِ، وفي الثالثةِ بالدوابِّ والمواشي، وفي الرابعةِ بالعبيدِ والإماءِ، وفي الخامسةِ بالضِّياعِ والعقارِ، وفي السادسةِ بأولادِهم، وفي السابعةِ برقابِهم، فقال يوسفُ للملكِ: كيف رأيتَ صنيعَ ربِّي فيما خَوَّلَني، فما ترى؟ قال: الرأيُ رأيُكَ، ونحن لكَ تَبَعٌ، قال: إني أُشهِدُ اللهَ وأُشهدِكَ أَنِّي قد أعتقتُ أهلَ مصرَ عن آخرِهم، وردَدْتُ عليهم أملاكَهم.

...

{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨)}.

[٥٨] وكان يوسفُ لا يبيعُ أحدًا من المجتازين إلا حِمْلَ بعيرٍ تقسيطًا بينَ الناسِ، وتزاحمَ الناسُ عليه، وأصابَ أرضَ كنعانَ وبلادَ الشام ما أصابَ أرضَ مصرَ من القحطِ، ونزلَ بيعقوبَ ما نزلَ بالناسِ، وكان منزلُه بأرضِ فلسطينَ بغورِ الشام، فأرسلَ بنيهِ العشرةَ إلى مصرَ للميرةِ، وأمسكَ بنيامينَ شقيقَ يوسفَ، فذلك قولُه تعالى:

{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ} تقدَّمَ اختلافُ القراء في الهمزتين من قوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ} في سورة البقرة [الآية: ١٣٣] وكذلك اختلافُهم في (وَجَاءَ إِخْوَةُ).

{فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ} أنهم إخوتُه.

{وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} لبعدِ عهدِهم، وقلةِ تأملِهم في حلاهُ من التَّهَيُّبِ والاستعظامِ.

***