{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} أي: فيجبُ عليكم نصفه، والمرادُ بالمسِّ: الجِماعُ، وإن ماتَ أحدُهما قبلَ المسيسِ، استقرَّ المهرُ كاملًا بالاتفاق، واختلفوا فيما إذا خلا الرجلُ بامرأته، ثم طلقها قبلَ المسيسِ، فقال أبو حنيفةَ وأحمدُ: لها كمالُ المهر، وعليها العِدَّةُ، وقال الشافعيُّ: لها نصفُ الصَّداقِ، ولا عِدَّةَ عليها، وقال مالكٌ: عليها العدَّةُ، ولها نصفُ المهرِ، فإن طال مقامُها معه، وقد تلذَّذَ بها وابتذلَها، فلها جميعُ المهر (١)، وقد حدَّه ابنُ القاسمِ بالعامِ.
{إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} أي: الزوجاتُ، وأصلُ العفوِ: التركُ؛ أي: إلا أن تتركَ المرأةُ نصيبَها، فيعودُ جميعُ الصداقِ إلى الزوج.
{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} وهو الوليُّ عندَ مالكٍ، فيجوزُ عفوُه إن كانَتْ بكرًا، أو غيرَ جائزةِ الأمر، وعند أبي حنيفةَ وأحمدَ، والشافعيِّ في الجديد: هو الزوجُ، وقالوا -أعني الثلاثة-: لا يجوزُ لوليها تركُ شيء من صَداقها، بكرًا كانت أو ثيبًا، كما لا يجوزُ له ذلكَ قبلَ الطلاق، بالاتفاق، وكما لا يجوزُ له أن يهبَ شيئًا من مالها. المعنى: تعفو المرأةُ بتركِ نصيبِها للزوجِ، ويعفو الزوجُ بصرفِ جميعِ الصَّداق إليها.