للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} أي: لم نخبرْكَ بأخبارِهم، قيلَ: لما ذكرَ الأنبياءَ في الآية، ولم يذكر موسى، قالتِ اليهود: أكلمَ الله موسى أم لا؟ فنزل:

{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} مصدرٌ معناهُ التأكيدُ، يدلُّ على بُطلانِ قولِ مَنْ يقول: خَلَقَ لنفسِه كلامًا في شجرةٍ، فسمعَهُ موسى، بل هو الكلامُ الحقيقيُّ الذي يكونُ به المتكلِّمُ متكلمًا، وكلامُ الله تعالى للنبيِّ موسى دونَ تكييفٍ ولا تحديدٍ؛ فإنه سبحانه موجودٌ لا كالموجودات، معلومٌ لا كالمعلوماتِ، فكذلكَ كلامُه لا كالكلامِ.

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)}.

[١٦٥] {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} نصبٌ على المدحِ، ثم عَلَّلَ الإرسالَ فقال:

{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ} إرسالِ.

{الرُّسُلِ} إليهم، فيقولوا: ما أرسلتَ إلينا، فكيفَ تعذبنا؟! وفيه دليلٌ على أنَّ اللهَ لا يعذِّبُ الخلقَ قبلَ بعثةِ الرسلِ، قالَ اللهُ تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥].

{وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا} لا يغلب فيما يريد (١).

{حَكِيمًا} فيما دَبَّرَ من أمرِ النبوةِ، وخَصَّ كلَّ نبيٍّ من الوحيِ


(١) في "ن": "يريده".