للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)} [الأنبياء: ٨٣].

[٨٣] {وَأَيُّوبَ} أي: واذكره {إِذْ نَادَى رَبَّهُ} لما ابتلي بفقد جميع ماله وولده، وتمزيق جسده، وكان برًّا تقيًّا رحيمًا بالمساكين، مؤديًا لحق الله، شاكرًا لأنعم الله، وتقدم ذكر نسبه في سورة النساء، وكان صاحب أموال عظيمة، وكانت له الثنية جميعها من أعمال دمشق ملكها، فابتلاه الله تعالى بأن أذهب أمواله حتى صار فقيرًا، ثم ابتلاه في جسده حتى تجذم ودوَّد، وبقي رميًّا على مزبلة لا يطيق أحدٌ أن يشم رائحته (١)، ورفضه كل الناس غير زوجته رحمة بنت أفراييم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام؛ فإنها استمرت صابرة تخدمه حتى باعت ظفيرتها بشيء أكله، فتزايا لها إبليس، وقال لها: اسجدي لي لأرد مالكم، فاستأذنت أيوب، فغضب وحلف ليضربنها مئة، ثم عافاه الله تعالى بعد ثلاث سنين، أو سبع، ورزقه، ورد على امرأته شبابها وحسنها، وولدت له ستة وعشرين ذكرًا،


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٥٠٥) عن الحسن، وذكره البغوي في "تفسيره" (٣/ ١٧٦ - ١٧٩) في خبر طويل، وانظر "الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ٨٥). ومعلوم أن الله تبارك وتعالى حمى أنبياءه -عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام- من كل ما ينفِّر، وعصمهم من مثل ما روي عن سيدنا أيوب -عليه السلام-. قال العلامة جمال الدين القاسمي في "محاسن التأويل" عند تفسيره لهذه الآية: إن أسانيدها مختلفة واهية، لا يقام لها وزن. وقال صاحب "أضواء البيان" (٤/ ٢٣٩): كل ذلك من الإسرائيليات، وغاية ما دلَّ عليه القرآن أن الله سبحانه ابتلى أيوب، وأنه ناداه فاستجاب له وكشف عنه كلَّ ضر، ووهبه أهله ومثلهم معهم.