للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واحتملتهم الريح، ورمتهم أجمعين في البحر.

{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} قرأ عاصم، وحمزة، ويعقوب، وخلف: (يُرَى) بياء مضمومة على الغيب مجهولًا، (مَسَاكِنُهُمْ) بالرفع فاعل المجهول، وقرأ الباقون: بالتاء وفتحها على الخطاب معلومًا (١)؛ أي: لا ترى يا محمدُ إِلَّا مساكنَهم، ونصب (مَسَاكِنَهُمْ) مفعولًا صريحًا، وأمال أبو عمرو والكسائي الراء من (تَرَى) (٢)، المعنى: هلكوا بأموالهم، وبقيت مساكنهم. {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}.

كان - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى الريح، فزع، ويقول: "اللهمَّ إنِّي أسألُك خيرَها وخيرَ ما أُرْسِلَتْ به، وأعوذ بك من شرِّها وشرِّ ما أُرْسِلَتْ به" (٣).

* * *

{وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٢٦)}.

[٢٦] ثمّ خاطب تعالى قريشًا على جهة الموعظة، فقال: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} (ما) موصولة بمعنى الّذي، و (إن) نافية بمعنى (ما)


(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٢٠٠)، و"تفسير البغوي" (٤/ ١٤٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٧٣)، و"معجم القراءات القرآنية" (٦/ ١٧٣ - ١٧٤).
(٢) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٣٩٢)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١٧٣).
(٣) رواه مسلم (٨٩٩)، كتاب: صلاة الاستسقاء، باب: التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر، من حديث عائشة -رضي الله عنها-.