للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجن أنهم لا يعلمون الغيب؛ لأنهم كانوا يظنون ذلك؛ لغلبة الجهل، وقيل: معنى تبينت الجن: أي: ظهرت وانكشفت للإنس، وتبين أمرهم أنهم لا يعلمون الغيب؛ لأنهم كانوا قد شبهوا على الإنس ذلك، فلما خر ميتًا، وعلموا بموته، شكرت الجنُّ الأرضة، فهم يأتونها بالماء والطين في جوف الخشب.

وتوفي سليمان وله اثنتان وخمسون سنة، فكان مدة ملكه أربعين سنة، فتكون وفاته في أواخر سنة خمس وسبعين وخمس مئة لوفاة موسى -عليه السلام-، وذلك بعد فراغ بناء بيت المقدس بتسع وعشرين سنة، وبين وفاته والهجرة الشريفة النبوية المحمدية ألف وسبع مئة وثلاث وسبعون سنة، والله أعلم.

{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥)}.

[١٥] فلما فرغ التمثيل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بسليمان -عليه السلام-، رجع التمثيل للكفار بسبأ، وما كان من إهلاكهم بالكفر والعتو، فقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ} اسم أرض باليمن، أو رجل. قرأ أبو عمرو، والبزي: بفتح الهمزة من غير تنوين، وروى قنبل: بإسكان الهمزة، وقرأ الباقون: بالخفض والتنوين (١)، فمن قرأ منونًا مصروفًا، جعله اسم رجل، ومن قرأ غير مصروف، جعله اسم البلد {فِي مَسْكَنِهِمْ} قرأ حمزة، وحفص:


(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٤٨٠ و ٥٢٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٦٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١٥٠ - ١٥١).