للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له؛ ليعلم الكفار أن داود وإن كان عظيمًا عند الله تعالى، لما صدرت عنه المعصية (١)، لم يزل مستغفرًا إلى أن فارق الدنيا، فلعلهم يؤمنون؛ لأن كفرهم أعظم من ذنب داود، فقال تعالى:

{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ} ذا القوة في الدين والعبادة.

قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أَحَبَّ الصيام إلى الله صيامُ داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاةُ داود، وكان يصوم يومًا، ويفطر يومًا، وكان ينام نصف الليل الأول، ويقوم ثلثَه، وينام سدسَه" (٢) مع سياسته الملك، وكان قد قسم الدهر ثلاثة أيام يومًا: يقضي فيه بين الناس، ويومًا يخلو في عبادة ربه، ويومًا لنسائه وأشغاله {إِنَّهُ أَوَّابٌ} رَجَّاع إلى الله.

...

{إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨)}.

[١٨] {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ} بتسبيحه {بِالْعَشِيِّ} وقت العشاء.

{وَالْإِشْرَاقِ} حين تشرق الشمس.


(١) انظر ما سيأتي من التعليق (ص ١٧ - ١٨) لتعلم أن الأخبار الواردة في شأن سيدنا داود -عليه السلام- غير ثابتة، وليس لها من الصحة أدنى نصيب، ومعلوم أن من أسباب وضعها واختلاقها أن يبرِّر واضعوها -وهم بعض أهل الكتاب من اليهود والنصارى- لأنفسهم المعاصي والآثام، وأما الذي نصَّ عليه القرآن في قصته: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ}.
(٢) رواه البخاري (٣٢٣٨)، كتاب: الأنبياء، باب: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، ومسلم (١١٥٩)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.