للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ترابٌ، وألقاه في وجوه القوم وقال: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ"، فلم يبقَ منهم أحدٌ إِلَّا دخل عينيه ومَنْخِرَيه منه شيءٌ، فانهزموا (١)، وتمكَّن المسلمون منهم قتلًا وأَسْرًا، فلما رجعوا، قال بعضُهم: قتلتُ فعلتُ، فنزلَ تأديبًا:

{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} (٢) بقوَّتكم؛ لضعفِكم عنهم.

{وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} بنصرِه إياكم.

{وَمَا رَمَيْتَ} يا محمدُ رميًا توصلُه إلى أعينِهم، ولم تقدرْ عيه.

{إِذْ رَمَيْتَ} أتيتَ بصورةِ الرميِ.

{وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} أي: بلغَ التراب أعينَهم، إذ ليس في وُسع أحدٍ من البشر أن يرميَ كفًّا من الحصى إلى وجوه جيش فلا يبقى فيهم عينٌ إِلَّا ويصيبُها منه شيء. قرأ ابنُ عامرٍ، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (وَلَكِنِ) في الحرفين خفيفةَ النون (اللهُ) رفعٌ، والباقون: (وَلَكِنَّ) مشددةَ النون (اللهَ) نصبٌ (٣)، ومعنى (لكن) نفيُ الخبرِ الماضي وإثباتُ المستقبل، وقرأ ورشٌ عن نافعٍ، وحمزةُ، والكسائيُّ، وأبو بكرٍ عن عاصمٍ، وخلفٌ: (رَمَى) بالإمالة (٤).

{وَلِيُبْلِيَ} اللهُ {الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} أي: لينعمَ عليهم نعمةً


(١) رواه مسلم (١٧٧٧)، كتاب: الجهاد والسير، باب: في غزوة حنين.
(٢) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٢٩).
(٣) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٧٥)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٧٦)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ١٤٤، ٢٣٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٤٤٣).
(٤) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٢٣٣)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٣٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٤٤٣).