للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يطوفَ بالبيت عُريان، وأن يتمَّ إلى كلِّ عهدٍ عهدَه، وإن لم يكنْ عهدٌ، فعهدُه أربعةُ أشهرٍ، ولا يدخلُ الجنةَ إِلَّا نفسٌ مؤمنةٌ، وألَّا يجتمعَ المسلمون والمشركون بعدَ عامِهم هذا، فقال المشركون الناكثون: أخبرِ ابنَ عَمِّكَ أنا قد نَبَذْنا العهدَ وراءَ ظُهورِنا، وأنْ ليسَ بينَنا وبينَه إِلَّا طعنٌ بالرمحِ وضربٌ بالسيفِ.

{وَأَذَانٌ} عطفٌ على قوله: {براءةٌ} أي: وإعلامٌ.

{مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} مبتدأٌ، خبرُهُ {إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} هو يومُ عرفةَ، والحجُّ الأصغرُ العمرةُ؛ لنقصِ عملِها.

{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أي: من عهودِهم.

{وَرَسُولُهُ} قراءةُ العامةِ برفعِ (رَسُولُهُ) مبتدأُ خَبَرٍ؛ أي: ورسولُه بريءٌ أيضًا من المشركين. وقرأ يعقوبُ: (وَرَسُولَهُ) بنصبِ اللام عطفًا على اسمِ (أَنَّ) (١)، ولا يجوزُ عطفهُ على (المشركين)؛ لأنّه كفرٌ، وتقدَّم في أول التفسير عندَ شكلِ القرآنِ ونقطِه أنَّ سببَ وضعِ الإعرابِ في المصاحفِ أن أبا الأسودِ الدؤليَّ التابعيَّ البصريَّ حكي أنّه سمعَ قارئًا يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بكسرِ اللام، فأعظمَه ذلكَ، وقالَ: "عَزَّ وَجْهُ اللهِ أن يبرأَ من رسولِه"، ثمّ جعلَ الإعرابِ في المصاحف (٢)، تلخيصُهُ: براءةٌ وإعلامٌ من اللهِ ورسولهِ بأنْ لا عهدَ لناكثٍ.


(١) انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان (٥/ ٦)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٤٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٨).
(٢) انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (٢٥/ ١٩٢).