ولما فرغَ - صلى الله عليه وسلم - من حُنين، بعثَ أبا عامرٍ على جيشٍ لغزوةِ أوطاس، فاستُشهد رضي الله عنه، وانهزمت ثقيفُ إلى الطائف، فأغلقوا بابَ مدينتِهم، فسار النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وحاصرهم نيفًا وعشرين يومًا، وقاتلَهم بالمنجنيقِ، وأمر بقطعِ أعنابِهم، ثمّ رحلَ عنهم، ونزلَ بالجعرانةِ، وأتى إليه بعضُ هوازن مسلمين، وسألوه أن يردَّ إليهم أموالَهم وسَبْيَهم، فخيرَّهم بينَ المالِ والسبي، فاختاروا السبيَ، فرد النّاسُ أبناءهم ونساءهم، ثمّ لحقَ مالكُ بن عوفٍ مقدَّم هوازنَ برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأسلمَ وحسنَ إسلامُه، واستعملَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على قومِه وعلى من أسلمَ من تلكَ القبائل، وكانَ عدةُ السبي الّذي أطلقَه ستةَ آلافٍ، ثمّ قسمَ الأموالَ، وكانت عدةُ الإبلِ أربعةً وعشرينَ ألفَ بعيرٍ، والغنمِ أكثرَ من أربعين ألفَ شاة، ومن الفضةِ أربعه آلافِ أوقيةٍ، وأعطى المؤلَفة قلوبُهم مثلَ أبي سفيان، وابنيه يزيدَ ومعاويةَ، وسهلِ بنِ عمرو، وعكرمةَ بنِ أبي جهلٍ، والحارثِ بنِ هشامٍ أخي أبي جهل، وصفوانَ بنِ أميةَ، وهؤلاء من قريش، وأعطى الأقرعَ بنَ حابسٍ التميميَّ، وعُيَيْنَةَ بنَ حصنٍ، ومالكَ بنَ عوفٍ مقدَّمَ هوازنَ وأمثالَهم، فأعطى لكلِّ واحدٍ من الأشراف مئةً من الإبل، وأعطى الآخرين لكلِّ واحدٍ أربعينَ، وأعطَى العباسَ بنَ مِرْداسَ السلميَّ أباعر لم يرضَها، فقالَ في ذلكَ من أبياتٍ: