للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا طَيِّبًا، وَلاَ يَصْعَدُ إِلىَ السَّمَاءِ إِلَّا طَيِّبٌ، إِلَّا كَأَنَّمَا يَضَعُهَا فِي يَدِ الرَّحْمَنِ، فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى إِنَّ اللُّقْمَةَ لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامةِ وَإِنَّهَا مِثْلُ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ" (١) قال البغويُّ رحمه الله في "شرح السنة": كلُّ ما جاء به الكتابُ والسنَّةُ من هذا القَبيلِ من صفاتِ الباري تعالى؛ كالنَفْسِ والوجهِ واليدِ والرِّجْلِ، والإتيانِ والمجيءِ والنزولِ إِلى السَّماءِ الدنيا، والاستواءِ على العرشِ، والضحكِ والفرحِ، فهذه ونظائرُها صفاتُ الله تعالى وردَ. ما (٢) الشرعُ يجبُ الإيمانُ ما وإمرارُها على ظاهرِها مُعْرِضًا فيها عن التأويلِ، مُجْتَنبًا عن التشبيهٍ، مُعْتَقِدًا أن الباريَ لا يشبهُ شيءٌ من صفاتِه صفاتِ الخَلْقِ، كما لا تُشبهُ ذاتُه ذاتَ الخلقِ، قالَ الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] وعلى هذا مضى سلفُ الأمةِ وعلماءُ السنَّة، تَلَقَّوها جميعَها بالإيمانِ والقبولِ، وتجنَّبوا فيها من التمثيلِ والتأويلِ، ووَكَلُوا العلمَ فيها إلى اللهِ تعالى كما أخبرَ عن الراسخينَ في العلمِ فقال: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧] انتهى (٣).

* * *


(١) رواه البخاري (١٣٤٤)، كتاب: الزكاة، باب: لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا يقبل إلا من كسب طيب، ومسلم (١٠١٤)، كتاب: الزكاة، باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) في "ت": "به".
(٣) انظر: "شرح السنة" للبغوي (١/ ١٦٨).