للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن خلفِ طوقِ القباءِ شعرٌ مسبلٌ بينَ كتفيهِ منظومٌ مشبكٌ بالذهبِ والجوهرِ، وفي عنقه طوقٌ منظومٌ بذهبٍ مشذرٍ بجوهرٍ أحمرَ ودُرٍّ فاخرٍ، وفي وسطِه منطقةُ ذَهَبٍ، فيها كواكبُ جوهرٍ ملوَّنٍ، ولها معاليقُ منظومة، وألبسنَهُ خُفَّيْنِ أبيضينِ منقوشيِن بأخضرَ على نقوشِ ذهبٍ، وجعلْنَ للقباءِ الذي عليه وشاحينِ على كتفيهِ وكُمَّيْهِ من جوهرٍ أخضرَ، وعَقْرَبْنَ صُدْغَيه على خَدَّيهِ، وكحلْنَ عينيه، ودفعْنَ إليه مِذَبّةً مذهبةً شعرُها أخضرُ، وكانَ يوسفُ إذا سارَ في الأزقَّة رُئي تلألؤُ وجهه على الجُدرِ، وحُكِيَ أنه ما زالَ النساءُ يملْنَ إلى يوسفَ ميلَ شهوةٍ حتى نبأه الله، فألقى عليه هيبةَ النبوة، فشغلَتْ هيبتُه كلَّ من رآهُ عن حسنهِ.

{وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ} بعدَ الجلوسِ على المتكأ.

{سِكِّينًا} نِصابُها من جوهرٍ، وكُنَّ يأكُلْن اللحمَ حَزًّا بالسكين، وقيلَ: ليقطعنَ بها الفاكهةَ، فيقال: إنهن أخذْنَ أترجًّا، وهنَّ يقطعنَهُ، فلما فرغَ النساءُ من طعامهنَّ، وشربْنَ أقداحًا، قالت لهنَّ: قد بلغني حديثُكن في أمري مع عبدي، فقلْنَ لها: الأمرُ كما بلغَكِ لأنك أعلى قدرًا من هذا، ومثلُكِ يرتفعُ عن أولادِ الملوكِ بحسنِك وشرفِكِ، فكيفَ رضيت (١) بغلامِكِ؟! قالت: لم يبلُغْكُنَّ الصدقُ، ولا هو عندي بهذا.

{وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ} وأومأتْ إلى المواشطِ أن يُخْرِجْنَ يوسفَ. قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ، وابنُ كثيرٍ، وابنُ عامرٍ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (وَقَالَتُ اخْرُجْ) بضمِّ التاءِ في الوصلِ (٢)، وقرأ يعقوبُ: (عَلَيْهُنَّ) بضمِّ الهاء حيثُ


(١) في "ظ" و"ت": "رضيتين"، والصواب ما أثبت.
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٤٨)، و"التيسير" للداني (ص: ٧٨)، =