للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له إسماعيلَ عليه السلام، ومعناهُ بالعبرانيِّ مُطيعُ اللهِ، وكانَتْ ولادتُه لمضيِّ ستٍّ، وثمانينَ سنةً من عُمْرِ إبراهيمَ، فحزنَتْ سارةُ لذلك، ووهبهَا اللهُ إسحَقَ، وولدَتْهُ ولها تسعونَ سنةً، ثم غارَتْ سارةُ من هاجرَ وابنِها، وطلبتْ من إبراهيمَ أن يُخْرِجَهما عنها، فسارَ بهما إِلى الحجاز، وتركَهما بمكةَ بإذنِ اللهِ تعالى، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ، ولا بها ماءٌ، ووضعَ عندَهما جرابًا فيه تمرٌ، وسقاءً فيه ماءٌ، ثم قَفّى إبراهيمُ منطلقًا، فتبعَتْه أمُّ إسماعيلَ فقالَتْ: يا إبراهيمُ! أينَ تذهبُ وتترُكُنا بِهذا الوادي الذي ليسَ فيه أنيسٌ ولا شيء؟ وقالتْ له ذلكَ مِرارًا، وهو لا يلتفِتُ إليها، فقالت له: آللهُ أَمَرَكَ بهذا؟ قال: نعم، فقالت: إذًا لا يُضَيِّعُنا الله، ثم رجعتْ، فانطلق إبراهيمَ عليه السلام، حتى إذا كانَ عندَ الثنيةِ حيثُ لا يرونَهُ، استقبلَ القبلةَ بِوَجْهِه، ثم دعا بهؤلاءِ الدَّعواتِ، ورفعَ يديهِ فقال:

{بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} يعني: وادي مكةَ؛ لأنها حجريةٌ لا تنُبتُ {عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} سماه محرَّمًا لأنه يحرم عندَهُ ما لا يحرُمُ عندَ غيرِه.

{رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} واللامُ لامُ (كي)، وهي متعلقة بـ (أسكنتُ).

{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً} أي: قلوبًا {مِنَ النَّاسِ} قرأ هشامٌ عن ابنِ عامرٍ (أَفْئِيدَةً) بياءٍ بعدَ الهمزةِ (١)، و (مِنْ) للتبعيضِ؛ أي: أفئدةً من أفئدةِ الناسِ، قالَ مجاهدٌ: لوقالَ: (أَفْئِدَةَ النَّاسِ)، لزاحَمَتْهم فارسُ والرومُ والتركُ


(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٣٥)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٩٩ - ٣٠٠)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٧٣)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٢٣٩).