للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حقيقةٌ عندَ أهل السنَّةِ، وعليهِ أكثرُ الأممِ، وهو محرَّمٌ بالإجماع.

واختلف الأئمةُ فيمن يتعلَّمُ السحرَ ويستعملُه، فقال أبو حنيفةَ ومالك: يكفرُ بذلك، وبعضُ أصحابِ أبي حنيفةَ فصَّل، فقال: إن تعلَّمه ليتقيَهُ، أو ليتجنبَهُ، فلا يكفرُ، وإن تعلَّمه معتقِدًا لجوازِه، أو أنه ينفعهُ، فإنه يكفرُ.

وقال الشافعي: إذا تعلَّمَ السحرَ قلنا له: صِفْ سحرَكَ، فإن وصفَ ما يوجبُ الكفرَ، مثل ما اعتقدَهُ أهلُ بابلَ من التقرُّب إلى الكواكبِ السبعةِ، وأنها تفعلُ ما يُلتمس منها، فهو كافرٌ، وإن كانَ لا يوجبُ الكفرَ، فإن اعتقدَ إباحتهُ، كفر، وإلَّا فلا.

وقال أحمدُ: الساحرُ الذي يركبُ المِكنسةَ، فتسيرُ به في الهواء، ونحوه؛ كالذي يدَّعي أن الكواكبَ تخاطبهُ، يكفرُ، ويقتلُ هو ومن يعتقدُ حلَّه، فأما الذي يسحرُ بالأدويةِ والتَّدخين (١) وسَقْيِ شيءٍ يضرُّ، فلا يكفر، ويعزَّرُ.

ويقتل بمجرد تعلُّمه واستعمالِه عند مالكٍ، وإن لم يقتلْ به.

وقال أبو حنيفةَ والشافعيُّ: لا يُقتل بذلك، فإن قتلَ بالسحر، قُتل عندَهما، إلا أن أبا حنيفة قال: لا يُقتل حتى يقرَّ بأني (٢) قتلتُ إنسانًا بعينِه.

وقال الشافعي: لو قالَ: قتلتُه بسحري، وسحري يقتلُ غالبًا، فقد أقرَّ بقتلِ العَمْدِ، كان قال: وهو يقتلُ نادرًا، فهو إقرارٌ بشبهِ العمدِ، كان قال: أخطأتُ من اسمِ غيرِه إلى اسمه، فهو إقرارٌ بالخطأ، ثم ديةُ شبهِ العمدِ،


(١) في "ت": "التسخين".
(٢) في "ت": "أني".