تفسير الملكين، إلا أنهما نُصبا لعجمتِهما وتعريفِهما، وكانت قصتهما أن الملائكة رأوا ما يصعدُ إلى السماء من أعمالِ بني آدم الخبيثةِ في زمن إدريس -عليه السلام- فعيروهم، وقالوا: هؤلاء الذين جعلتَهُم في الأرض واخترتَهُمْ، فهم يعصونك، فقال الله -عز وجل-: لو أنزلتُكم (١) إلى الأرضِ ورَكَّبْتُ فيكم ما رَكَّبْتُ فيهم، ارتكبتُمْ مثلَ ما ارتكبوا، فقالوا: سبحانَكَ ما ينبغي لنا أن نَعصيَك، قال الله تعالى: فاختاروا مَلَكَينِ من خِياركم أهبطهُما إلى الأرضِ، فاختاروا هاروتَ وماروتَ، وكانا من أصلح الملائكة وأعبدِهم، فركَّبَ الله فيهما الشهوةَ، وأهبطَهما إلى الأرض، وأمرَهما أن يحكما بينَ الناس بالحقِّ، ونهاهُما عن الشِّرْكِ، والقتلِ بغير الحقِّ، والزنا، وشربِ الخمر، فكانا يقضيان بين الناس يومَهُما، فإذا أمسيا ذكرا اسمَ الله الأعظم، وصَعِدا إلى السماء، فما مرَّ عليهما شهرٌ حتى افتتنا جميعًا، وذلك أن الزُّهْرَةَ -امرأة من أجمل النساء- جاءتهما تخاصمُ زوجَها إليهما، فوقعتْ في أنفسهما، فراوداها عن نفسها، فأبت وانصرفت، ثم عادت في اليوم الثاني، ففعلا مثلَ ذلك، فأبت وقالت: لا، إلا أن تعبُدا ما أعبد، وتصلِّيا لهذا الصنم، وتقتلا النفسَ، وتشربا الخمر، فقالا: لا سبيلَ إلى هذه الأشياء؛ فإن الله قد نهانا عنها، فانصرفت ثم عادت في اليوم الثالث، ومعها قدحٌ من خمر، وفي أنفسِهما من الميل إليها ما فيها، فراوداها عن نفسها، فعرضت عليهما ما قالت بالأمس، فقالا: الصلاةُ لغيرِ الله عظيمٌ، وقتلُ النفس عظيم، وأهونُ الثلاثةِ شربُ الخمر، فشربا الخمرَ، فانتشَيا، ووقعا بالمرأة فزنيا، فلما فرغا، رآهما إنسانٌ فقتلاه،